Hizb Hashimi dan Penubuhan Negara Islam
الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية
Genre-genre
وكان هناك من هو على رأي عبد المطلب من ذوي النظر الثاقب، والفكر المنهجي المخطط، الذين استطاعوا أن يصلوا إلى النتيجة نفسها بعد قراءة واعية للخريطة السياسية، والظروف الاجتماعية والاقتصادية. لكن الكثرة الغالبة لم تكن مع هذه الرؤى، حتى اليهود الذين كانوا يعيشون بين ظهراني العرب - كعرب - ما خطر لهم هذا التوقع قط، وإنما كانوا يترفعون على سائر العرب، ويفاخرون بأن لهم من الأنبياء عددا وعدة، ومن الأسفار المقدسة كتابا سماوي المصدر. ومن ثم أجاز الأستاذ العقاد لنفسه - وهو رجل متزن ومتوازن - أن يجزم قاطعا: «بأن شأن اليهودية في توضيح هذه الحقائق كان أعظم من كل شأن لها في جزيرة العرب.»
1
وهذه الحقائق التي يعنيها الأستاذ العقاد هي أنه برغم عدم قراءتهم الصحيحة لإفرازات الواقع على الأقل بالنسبة لمكة؛ فإن حكاياتهم عن مغامرات أنبيائهم القدامى، وعن دولتهم الغابرة التي أنشأها الملك النبي داود، وما لحقها من تهويلات ومبالغات، كانت وراء الحلم الذي داعب خيال سراة العرب وأشرافهم؛ حتى بدا لكل منهم طيف زعامته للدولة الموحدة مشرقا في الخيال، تدعمه ما بدأت تشهده الجزيرة في مناطق متعددة من محاولات لتوحيد القبائل سياسيا؛ سواء عن طريق التحالفات الجانبية التي شكلت نويات مرجوة لوحدة أكبر، أو عن طريق إخضاع قبيلة لأخرى، أو التحالفات التي تتفق ومنطق البداوة، والتي كانت تتم بين القبائل المنتمية إلى سلف واحد؛ مما يجعل انتظامها تحت إمرة زعيم واحد أمرا أيسر، خاصة عند حدوث جلل طارئ أو خطر مشترك. ولا ننس المحاولات الأخرى المباشرة التي اتخذت صيغة الملك وصبغته؛ كمحاولة «زهير الجنابي» زعيم قضاعة تمليك نفسه على بكر وتغلب،
2
أو الممالك التي قامت فعلا من زمن سابق لكن في ظروف مختلفة - على حدود الإمبراطوريات الكبرى - مثل: مملكة الحيرة، ومملكة الغساسنة.
لكن بقية الناس - حتى داخل مكة - ممن كانوا يعتبرون أنفسهم عقلاء لم يكونوا مع هذا التفاؤل، ولا مع هذا الجموح في الآمال؛ فهذا «الأسود بن عبد العزى» يقدم الاعتراض البدهي والواضح والمباشر، قائلا: «ألا إن مكة لقاح لا تدين لملك.»
3
وهو اعتراض يستند إلى قراءة أخرى؛ فالعرب - أيا كان الظرف الاجتماعي - لا تقبل بفرد يملك عليهم ويسود؛ لأن معنى ذلك سيادة عشيرة على بقية العشائر، وقبيلة على بقية القبائل، وهو ما تأباه أنفة الكبرياء القبلي وتنفر منه. ولعل هذه القراءة تجد حجتها البالغة في تجربة رجل مثل «النعمان بن المنذر»، الذي ورث الملك أبا عن جد في مملكة الحيرة، ومع ذلك وقف يلقي خطابه أمام كسرى الفرس، وفي حضرة وفود دول عدة، مدافعا عن عروبته بقوله:
فليست أمة من الأمم إلا وجهلت آباءها، وأصولها، وكثيرا من أوائلها، حتى إن أحدهم ليسأل عمن وراء أبيه دنيا، فلا ينسبه ولا يعرفه، وليس أحد من العرب إلا يسمي آباءه أبا فأبا، حاطوا بذلك أحسابهم، وحفظوا به أنسابهم، فلا يدخل رجل في غير قومه، ولا ينتسب إلى غير نسبه، ولا يدعى لغير أبيه ... وأما تحاربهم وأكل بعضهم بعضا، وتركهم الانقياد إلى رجل يسوسهم ويجمعهم، فإنما يفعل ذلك من يفعله من الأمم، إذا أنست من نفسها ضعفا، وتخوفت نهوض عدوها إليها بالزحف. وإنما يكون في المملكة العظيمة أهل بيت واحد، يعرف فضلهم على سائر غيرهم، فيلقون إليهم أمورهم، وينقادون لهم بأزمتهم. وأما العرب فإن ذلك كثير فيهم، حتى لقد حاولوا أن يكونوا ملوكا أجمعين.
4
Halaman tidak diketahui