والعادات كلهَا وَعند بعد الزَّمَان يتَمَكَّن هَذَا الْمَعْنى بمزاولته فِي مدركة المزاول ويرتسم فِي خياله بِحَيْثُ يصير فِي حكم الْمُشَاهدَة والعيان وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْقَائِل بقوله
(أهل الحَدِيث هم أهل النَّبِي وَإِن ... لم يصحبوا نَفسه أنفاسه صحبوا)
ويروى عَن بعض الصلحاء أَنه قَالَ أَشد البواعث وَأقوى الدَّوَاعِي لي على تَحْصِيل علم الحَدِيث لفظ قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ فَالْحَاصِل أَن أهل الحَدِيث كثر الله تَعَالَى سوادهم وَرفع عمادهم لَهُم نِسْبَة خَاصَّة وَمَعْرِفَة مَخْصُوصَة بِالنَّبِيِّ ﷺ لَا يشاركهم فِيهَا أحد من الْعَالمين فضلا عَن النَّاس أَجْمَعِينَ لأَنهم الَّذين لَا تزَال تجْرِي ذكر صِفَاته الْعليا وأحواله الْكَرِيمَة وشمائله الشَّرِيفَة على لسانهم وَلم يبرح تِمْثَال جماله الْكَرِيم وخيال وَجهه الوسيم وَنور حَدِيثه المستبين يتَرَدَّد فِي حلق وسط جنانهم فعلاقة باطنهم بباطنه العلى مُتَّصِلَة وَنسبَة ظَاهِرهمْ بِظَاهِرِهِ النقي مسلسلة فهم أهل المواليد حَقًا عدلا وصدقا فَأكْرم بهم من كرام يشاهدون عَظمَة الْمُسَمّى حِين يذكر الِاسْم وَيصلونَ عَلَيْهِ كل لمحة ولحظة بِأَحْسَن الْحَد والرسم خَاضُوا فِي بحار الْعُلُوم المحمدية حَتَّى صَارُوا محو الْمَعْلُوم وخدموا الْأَحَادِيث الأحمدية إِلَى أَن عَادوا عين المخدوم فَأُولَئِك كَمَا قيل بِالْفَارِسِيَّةِ
(ذَات من نقش خيال خوش تست ... من مكر خود صفت ذَات توام)
(نقش انديشة من جملَة زتست ... كوئي الفاظ وعبارات توام)
قَالَ الشَّيْخ أَحْمد الْقُسْطَلَانِيّ فِي إرشاد الساري شرح صَحِيح البُخَارِيّ فِي فَضِيلَة أهل الحَدِيث روينَا عَن ابْن مَسْعُود ﵁ قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ نضر الله أمرأ سمع مَقَالَتي فحفظها ووعاها وأداها فَرب حَامِل فقه إِلَى من هُوَ أفقه مِنْهُ رَوَاهُ الشَّافِعِي وَالْبَيْهَقِيّ وَكَذَا أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ بِلَفْظ نضر الله امْرأ سمع منا شَيْئا فَبَلغهُ كَمَا سَمعه فَرب مبلغ أوعى من سامع وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح
1 / 37