History of Arabic Heritage by Sezgin - The Sharia Sciences
تاريخ التراث العربي لسزكين - العلوم الشرعية
Penerbit
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
Genre-genre
-[تصدير]-:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد، فإن الله ﷿، منذ أكرم هذه الأمة بالإسلام، وهداها سبيل الرشاد بالقرآن، وأنار لها طريق الحق باتباع سنة رسوله محمد ﷺ، وهو يأخذ بيد العلماء وطلاب العلم من أبنائها، نحو الدرس الجاد، والبحث الدقيق، ويمكّن لهم من الصبر على مشقة الطريق، والدأب فى تحمل أمانة العلم، وإخلاص النية فيه، ما يراه الناس آية من الآيات التى تبهر العيون، وتدهش العقول.
فمنذ بدأ الصحابة رضوان الله عليهم يتلقون عن رسول الله ﷺ ما يوحى إليه من ربه، ثم ينقلون هذا العلم ويبلغونه إلى التابعين من بعدهم، ومسيرة الثقافة الإسلامية تنمو يوما بعد يوم، ويجدّ فيها من العلوم والمعارف، وينضم إليها من ثقافة الأمم الأخرى ما يكوّن حضارة عظيمة، استنارت بها الدنيا قرونا متطاولة، وما زالت تستمد من هذه الحضارة. وتبنى على علومها ومعارفها، ومن هنا كان اهتمام السابقين من علماء الغرب بتراثنا الثقافى جمعا وفهرسة ودراسة وتحقيقا، ثم أصدر المستشرق الألمانى كارل بروكلمان كتابه الشامل تاريخ الأدب العربى، مؤرخا للثقافة العربية الإسلامية فى عصورها المختلفة، دالا على أماكن وجود مخطوطاتها في مكتبات العالم، وكان صدور هذا الكتاب أمرا حفز العالم المسلم الدكتور فؤاد سزگين لاستكمال هذا العمل فى أول الأمر، ثم أتيح له من التوفيق ما أنشأ به العمل إنشاء على نحو جديد، جعله سجلا للثقافة العربية الإسلامية يضم بين دفتيه أعلامها ومؤلفاتهم، وديوانا للعلوم والمعارف يسجل نشأتها ومراحل تدوينها وتطورها، ويثير قضاياها، ويناقش ما دار فى فلك تاريخها، فاستحق شكر الباحثين وثناءهم، وتكريم مؤسسة الملك فيصل ﵀ الخيرية، حيث كان أول فائز بجائزتها.
وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التى اعتمدت البحث العلمى مجالا رائدا للدراسة فيها، وسبيلا قويما للنمو والتطور، تدرك ما لكتاب الدكتور فؤاد سزگين من أهمية،
1 / 5
وتحرص على أن يفيد منه الدارسون فى اللغة الأصلية التى حوى تاريخ تراثها، وكان قد سبق للهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة إصدار المجلد الأول من الكتاب، فى جزءين بترجمة الدكتورين فهمى أبو الفضل، ومحمود فهمى حجازى، ثم توقف إصدار الكتاب، لذلك صحت عزيمة الجامعة على ترجمة ونشر المجلدات الخاصة بعلوم القرآن والحديث والفقه والعقيدة والتاريخ والشعر العربى واللغة والنحو والبلاغة والنثر الفنى والعروض والأدب والفلسفة والمنطق وعلم النفس والأخلاق والسياسة والاجتماع. وأسندت إعادة ترجمة المجلد الأول إلى الدكتور محمود فهمى حجازى، وترجمة المجلد الثانى إلى الدكتور عرفة مصطفى، كما عهدت إلى أساتذة متخصصين فى الجامعة قراءة الترجمة العربية للكتاب، وقامت إدارة الثقافة بالجامعة على طبعه ونشره.
وستتابع الجامعة- بمعونة الله وتوفيقه- ترجمة ونشر بقية هذه المجلدات، حتى تعم الفائدة به إن شاء الله تعالى.
إن هذا الكتاب «تاريخ التراث العربى» يكشف بجلاء عظمة تاريخنا الثقافى الممتد عبر القرون، ويؤكد اهتمام سلفنا رضى الله عنهم، بالبحث ونشر العلم، وإنا لنرجو أن يأتم الخلف بالسلف، فتقوم سوق العلم مرة أخرى فى ديار الإسلام، ويزدهر الحاضر فيلتحم بالماضى.
وختاما نشكر لأخينا الدكتور فؤاد سزگين اهتمامه بالعلوم العربية والإسلامية ومتابعته لقضاياها، ونثنى على جهده وخدمته للباحثين فى هذا الميدان، كما نشكره على تعاونه مع الجامعة فى ترجمة الكتاب إلى اللغة العربية، وإننا لنأمل أن تكون الترجمة دقيقة وافية بالمطلوب، ترضى الباحثين وتيسر لهم طريق المعرفة والعلم.
كما نأمل أن تكون الجامعة وفت بهذا العمل بما يجب عليها من خدمة التراث الإسلامى، وإعانة الباحثين فيها.
وأسأل الله العلى القدير أن يوفقنا إلى ما فيه صلاح أمتنا، وأن يجزل المثوبة لكل من شارك بعلم نافع وعمل صالح، انه سميع مجيب.
الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركى مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
1 / 6
مقدمة: للمؤلف: د. فؤاد سزكين
لقد كتبت مقدمتى الأولى للأصل الألمانى من هذا المجلد قبل سبع عشرة سنة سعيدا بما يسر لى الله ﷿ من تقديم حصيلة عمل مستمر دام خمسة عشرة عاما. واليوم تغمرنى سعادة أكبر حين أفكر بما تمّ بحمد الله تحقيقه من مشروع كتابى «تاريخ التراث العربى» بنشر ثمانية مجلدات أخرى منه إلى الآن.
ويجد القارئ فى المقدمة الأولى أننى كنت فى بادئ الأمر أعتزم تأليف ملحق لكتاب «تاريخ الأدب العربى» للمستشرق الألمانى كارل بروكلمان بالاستناد إلى المخطوطات المحفوظة فى مكتبات إستانبول، ثم تغيرت نيتى بمرور الزمن فأصبح هدفى أن يكون مؤلفى تجديدا لكتاب بروكلمان. وهكذا أنجزت المجلد الأول فعلا كتجديد لعمل بروكلمان وإن اتبعت فيه إلى حد ما نفس منهاجه. ثم ما لبثت أن قررت أثناء طبعه أن أحاول الانتقال من منهجه الذى هو بالدرجة الأولى منهج بيبلوغرافى لأواصل بالمجلدات التالية كتابة تاريخ للعلوم الإسلامية المكتوبة باللغة العربية فى إطار ما يسمح به تطور الدراسات والأبحاث المتخصصة فى هذا المجال ودراساتى الخاصة للمخطوطات والمطبوعات، مع الاحتفاظ بعنوان المجلد الأول.
لقد قضيت الآن أعواما فى تأليف هذا الكتاب سعيدا بما أراه من استفادة الباحثين فى العلوم العربية والإسلامية منه. وتيسر لى معرفة مواقفهم منه سواء أكانت تقديرا أو نقدا إيجابيا أو سلبيا فيما يخص المسائل الجوهرية أو الثانوية.
1 / 7
ولعل من أهم المسائل التي لفت إليها نظر القارئ بشكل خاص رأيى فى تاريخ تدوين الحديث النبوى الشريف والرواية الإسلامية فى القرون الأولى بعد الهجرة. وكان موقف بعض القرّاء الأوروبيين فى البداية سلبيا أو مترددا لظنّهم بأن الدافع وراء نظرتى إلى هذه القضية هو كونى مسلما. وانطلق أحد المستشرقين الشهيرين من هذا المنطلق ذاته حين رأى فى تقييمى «... موقفا تقليديا يرفض معظم نتائج الدراسات الإسلامية التى توصل إليها الغربيون». بيد أن هذا الحكم القاسى الذى لا يتماشى مع مضمون الكتاب لم يكن له ذلك التأثير الكبير على أولئك الزملاء من المستشرقين الذين وقفوا إلى جانبى، كما لم يقلل من أثره على بعض الدراسات، وإن لم يصرح بذلك أحيانا.
وجاء الاعتراض أيضا من قبل بعض القراء العرب، الذين اطّلعوا على جزء واحد فقط من الكتاب ترجم إلى العربية، على ما كتبته عن الإمام البخارى، ﵀، كمصنف كتاب فى الأحاديث النبوية الشريفة التى دافعت عن قدم كتابتها وتدوينها وتصنيفها، فاعتبرت عمله حلقة هامة فى تاريخ علم الحديث وأرجعت الحكم بأنه أول من صنّف أو أسند الأحاديث النبوية الشريفة، إلى تصورات وهمية حديثة المنشأ ظهرت فى بعض الدراسات الأوروبية فى منقلب القرن التاسع عشر إلى العشرين وتوصلت إلى استنتاج الواقع المسجل فى ما ترك لنا المحدّثون من الأخبار والكتب وأصول تحمّل العلم. ولقد لاقى رأيى هذا قبولا لدى كثير من القراء العرب الآخرين، وآمل أن تساهم قراءة المجلدات الأخرى بعد ترجمتها إلى العربية فى زيادة وتعميق التفهم لفكرة أساسية فى كتابى تقول بأن اشتغال المسلمين بالعلوم عامة بدأ فى عهد أقدم بكثير مما هو شائع بين معظم الباحثين والمتخصصين فى هذا المجال.
ولقد كان ما لمسته من رغبة قوية فى ترجمة الكتاب إلى العربية فور نشره من أسباب سعادتى العميقة. وقام الدكتور محمود فهمى حجازى والدكتور فهمى أبو الفضل بنقل المجلد الأول منه إلى العربية. وتم نشر القسم الأول منه فى سنة ١٩٧١ م على نفقة الهيئة المصرية العامة للكتاب. وقد فارقنا الدكتور فهمى أبو الفضل إلى رحمته تعالى قبل ذلك فلم يكتب له أن يرى ما ترجمه منشورا. وواصل الدكتور حجازى تصحيح ما ترجم فتمّ نشر ترجمة القسمين الأول والثانى اللذين يزيدان على ثلثى الأصل الألمانى للمجلد الأول.
1 / 8
وفى عام ١٩٧٨ م تولت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة الملك سعود (جامعة الرياض سابقا) ترجمة جميع ما نشر من الأصل الألمانى، وتمّ الاتفاق على أن تتولى جامعة الرياض ترجمة ونشر المجلد الثالث فى الطب، والرابع فى الكيمياء وعلم النبات والزراعة، والخامس فى الرياضيات، والسادس فى علم الفلك، والسابع فى علم أحكام النجوم والآثار العلوية وتتولى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ترجمةو نشر بقية الكتاب كلّه.
والآن أحمد الله تعالى على إصدار القسم الأول من المجلد الأول بترجمة جديدة منقحة ليكون فى متناول القارئ العربى، بعد أن تمّ فى السنة الماضية نشر قسم «مجموعات المخطوطات العربية فى مكتبات العالم» المستلّ من المجلد السادس كقسم مستقل. وآمل أن يتحقق قريبا نشر ترجمة القسمين الأخيرين من المجلد الأول وترجمة المجلد الثانى فى الشعر العربى التى هى الآن تحت الطبع. أما ترجمة المجلد الثامن فى علم المعاجم والتاسع فى النحو فالمأمول أن تتم خلال سنة باذن الله.
ولعله تنبغى الإشارة هنا إلى سؤال قد يرد على ذهن القارئ: أما كان من الأجدر لدى ترجمة الكتاب تصويب ما تبين فيه بمرور الزمن من الأخطاء وإكمال ما قد ينقصه من نتائج الدراسات الأحدث وما نشر وحقق من النصوص واكتشف من المخطوطات بعد صدوره باللغة الألمانية؟ فالحقيقة أننى لم أرد الشروع فى مثل هذا التعديل- الذى يقتضى تفرغا له ووقتا طويلا- كى لا يتأخر صدور المجلدات الباقية من الكتاب التى أكرس معظم وقتى لتأليفها.
وأرى من واجبى الإفصاح هنا عن شكرى وتقديرى العميق لمعالى الأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركى، مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الذى وجّه عنايته الكريمة لأمر ترجمة الكتاب فحظيت باهتمامه الشخصى المستمر ورعايته، وهو ما فتئ منذ سنوات خمس يتخذ كل ما يقتضيه الأمر من إجراءات لإيصال هذا الكتاب للقارئ العربى. وأنا مدين بالشكر أيضا للمترجمين والمراجعين الدكتور محمود حجازى، والمرحوم الدكتور فهمى أبو الفضل، والدكتور مصطفى عرفة، والدكتور محمد سعيد عبد الرحيم، وأعرب هنا عن شكرى كذلك للدكتور عبد الفتاح الحلو والدكتور عبد القدوس أبى صالح والشيخ عبد الفتاح
1 / 9
أبى غدة والدكتور صالح الفوزان والدكتور محمد الصالح لمراجعتهم الترجمة العربية وللشيخ عبد الله بن إدريس والسيد عبد الله الموسى لاهتمامهما بالترجمة والطبع. ولجميع من شارك فى تقديم هذا الكتاب للقارئ العربى. وأدعو الله ﷿ أن يوفقنى إلى مواصلة تأليفه وإكماله، وأن يهدينى دائما طريق الحق والصواب ويجنبنى مواطن الزلل والانحراف.
فؤاد محمد سزگين فرانكفورت فى ٢٦/ ٤/ ١٤٠٣ هـ الموافق ١٠/ ٤/ ١٩٨٣ م
1 / 10
مقدمة الطبعة الأولى للمؤلف: د. فؤاد سيزكين
كنت قد عقدت العزم منذ خمسة عشر عاما؛ على عمل ملحق بمخطوطات مكتبات إستنبول للكتاب القيم «تاريخ الأدب العربى» لكارل بروكلمان،
c. brockelmann geschichte der arabischen litterarur
وكان هذا هو الحافز الذى دفعنى إلى القيام بعمل هذا الكتاب. ولم يكن يخطر ببالى عند البدء فى هذا العمل أنها مغامرة أقدمت عليها، ولا ريب أن هذا الشعور انتاب أيضا من سبقنى فى هذا المضمار. ولكن عند ما يرى الباحث أبعاد عمله، ويدرك حقيقة الصعوبات التى تعترض طريقه، فإن ارتباطه بموضوعه يصبح وثيقا، ولا سيما إذا كانت المادة التى جمعها غزيرة، وهو- لذلك- لا يستطيع التراجع عنه.
لقد توافرت عوامل كان من الممكن أن تدفعنى إلى الخوف والإحجام عن تنفيذ هذا العمل؛ فالآراء حول عمل من سبقنى فى هذا المضمار متفاوتة، والحكم عليه قاس، والنقد الذى ناله لاذع، والأخطاء التى وقع فيها عديدة، وهذه كلها عوامل كان من الممكن أن تجعل الذين يقبلون على مثل هذا العمل يخافون ويحجمون. ولكنى- مع ذلك- قد اتخذت منه، ومن حياته القاسية- التى كرس منها أكثر من خمسين عاما لكتابه- مثلا يحتذى، وحافزا جعلنى لا أتخلى عن تحقيق هذا الأمل، إفادة للمشتغلين بالدراسات العربية، ودفعا للبحث فى هذا الميدان خطوة إلى الأمام.
إن النقد الموجه إلى كتاب «بروكلمان» - الذى اشتهر فيما بعد- ربما يكون صحيحا فى جملته، ولكن أيجوز للمرء أن ينظر من وجهة نظر القارئ فقط، وينسى الصعوبات التى كان على المؤلف أن يذللها ويتغلب عليها؟ فقد كان عليه أن يجمع كثيرا من المواد، وينتقى منها، ثم يتعرف عليها وينسقها ويبوبها، وغالبا ما وقف مكتوف اليدين، عاجزا عن تنفيذه
1 / 11
للمشروع الذى وضعه، وفق الخطة المناسبة، وقد ظهرت له واضحة أثناء عمله، ولذلك كان عليه (فى ضوئها) أن يحدد المواد التى سيعتمد عليها.
كانت الخطة أولا ان يوضع ملحق لكتاب «بروكلمان» على أساس مخطوطات إستنبول، ولكن بعد مدة من الزمن قرر الأستاذ «رشر - o.rescher «وهو حجة فى تاريخ التراث العربى- أن يشترك فى هذا العمل، وأن يقدم للبحث والدراسة كل المادة التى جمعها منذ زمن بعيد، وعلى الأخص أثناء عمله بالمكتبة السليمانية (باستنبول). وعند ما قررت بعد ذلك- بحوالى ستة أشهر- أننى سوف لا أكتفى بالخطة السابقة، وأننى سأجمع كل ما يمكن جمعه من المواد: من الفهارس، والدراسات التى ظهرت بعد كتاب «بروكلمان»، وكذلك من دراساتى الخاصة للكتب المطبوعة، ومجموعات المخطوطات، تنازل لى الأستاذ «رشر» عن هذه المواد التى لا تقدر، ثم صرف النظر نهائيا عن المشاركة فى العمل، فالعمل ضخم غير واضح المسار والنهاية، والأيام مضت بالأستاذ «رشر» إلى عمر متقدم.
والخطط تتغير دائما: فالخطة الأخيرة التى ظهر عليها الكتاب بالصورة التى بين أيدينا قررت فقط منذ عام ونصف. وعند ما انتهيت من الجزءين الأول والثانى وأعددتهما للطبع، ظهر أنهما فى الحقيقة عمل جديد مستقل عن كتاب «بروكلمان»، ففى هذين الجزءين درست كل المواد المتاحة وحققتها، وراجعت كل ما ذكره «بروكلمان» وأضفت له معلومات جديدة مكملة مثل: تاريخ المخطوطات، وعدد أوراقها أو صفحاتها، كذلك عدد أجزائها.
ولقد ذكرت أولا المخطوطات التى قدمها «بروكلمان»، ثم أتبعتها بالمخطوطات الجديدة التى عثرت عليها، وقد كان هدفى أن أجعل هذا الكتاب مستقلا تماما عن كتاب بروكلمان، ولكنى لم أستطع تحقيق ذلك دائما، فلم أستطع المضى فى عرضى لكتب أحد المؤلفين دون الارتباط «ببروكلمان». على أننا إذا أردنا تنظيما جديدا كاملا للمواد المجموعة، فإن ذلك يستغرق زمنا طويلا جدا، الأمر الذى لا أسمح لنفسى به، فالقارئ مرتقب منتظر، كما أن محاولة الوصول إلى طريقة مثلى لتصنيف جديد- وهيهات الوصول إليها- تجعلنا نخشى على المواد الغزيرة الضخمة للأجزاء الأخرى من الكتاب، حيث لا يمكن تقديمها وعرضها؛ فالعمر قصير، والعمل طويل.
1 / 12
ود بعض المتخصصين مزج المخطوطات التى قدمتها فى هذا الكتاب؛ ذلك لأننى اتبعت طريقة فصل المخطوطات المعروفة عن المخطوطات التى عثرت عليها، وأضيفت حديثا، بواسطة علامة مميزة هى+، وشاهد تفضيلهم، أنه لا يصح- على سبيل المثال- الفصل بين مخطوطة فى فهرست وهى نفسها فى فهرست آخر لنفس المكتبة، كما أنه لا يصح فى هذه الحالة أن تذكر المكتبة مرتين. ومع ذلك فقد اتبعت طريقتى السابقة التى اخترتها؛ لأنها توصل القارئ إلى الهدف، وهو التعرف بسرعة على المخطوطات الجديدة التى رأت النور فى السنوات الأخيرة.
وفيما يتعلق بمنهج وشكل هذا المجلد- الذى أعتبره فى الحقيقة محاولة أولى- فلا أرى واجبا علىّ الالتزام بهما فى بقية مجلدات الكتاب. أما التغييرات الضرورية التى لم تظهر ضرورتها إلا بعد أن قدم الكتاب للمطبعة، فسأقوم بها بدون تأخير فى المجلد الثانى، وسيساعد على ذلك ما يبديه القراء كثيرا من ملاحظات ونقد.
والمجلد الثانى- وكنت قد أعددته للطبع قبل هذا المجلد- يتضمن الموضوعات الآتية:
الشعر، والنثر، واللغة، والأدب، وذلك فى المرحلة الزمنية التى عالجت فيها موضوعات المجلد الأول.
أما المجلد الثالث فعليه أن يشمل الموضوعات التالية: الترجمة، والفلسفة، والعلوم الطبيعية، ولم أكتب من هذا المجلد- إلى الآن- إلا قدرا قليلا حول أولية العلوم الطبيعية العربية فى العصر الأموى- وفقا للخطة القديمة- ولكنى أرى الآن فى ضوء تصورى الجديد للموضوع، وجوب دراسة الترجمة إلى اللغة العربية، باعتبارها مصدرا للعلوم عند العرب لمرحلة زمنية واسعة، وينبغى أن تأخذ الأبحاث الجديدة، والاكتشافات الحديثة مكانها فى هذه الدراسة، مع الاستفادة من الأعمال الجليلة التى قام بها «شتاينشنايدر steinschneider «فى هذا المجال. ولا نستطيع- الآن- القول: بأن تلك الموضوعات العلمية المشار إليها، قد جمعت إلى بدء القرن الثامن الهجرى، حتى يستطيع القارئ تتبع تطور فرع من هذه العلوم فى مرحلة زمنية أطول، والواقع أن القول الفصل فى هذا الموضوع مرتبط بكمية المواد العلمية، والطريقة التى تعالج بها الموضوعات.
وسوف يفتقد القارئ فى هذا المجلد فهرست المصطلحات، ولكن سوف نلحقه بنهاية
1 / 13
المجلد الثانى، وأما المجلد الثالث فله فهرسه الخاص به. أما الكتب المجهولة المؤلف والتاريخ، فسوف نذكرها فى فهرست فى نهاية الكتاب كله.
وقد كان من الممكن أن يخرج هذا الكتاب فى صورة أحسن وأكمل، لو أتيحت لى فرصة الحصول على مساعدات مالية، فجل رحلاتى العديدة فى أنحاء أوروبا، وإلى شمال أفريقيا، وكذلك إلى الشرق الأدنى والأوسط، حتى إلى الهند، أنفقت عليها من مالى الخاص، وكذلك ما تكلفته للعديد ممن ساعدونى، وما دفعته ثمنا للمراجع والفهارس، وتصوير المخطوطات، واستخراج المقالات من المجلات العلمية. وقبل سنوات رصدت هيئة «اليونسكو» مبلغا لتساعد فى إخراج كتاب «بروكلمان» إخراجا جديدا، ولكن اللجنة المكونة لهذا الغرض، أرجأت البت فى هذا الموضوع حتى تبحث ما إذا كان عملى هذا يمكن أن تشمله هذه المساعدة أم لا، ولكن الموضوع كان يؤجل ويؤجل. ولعل السبب الحقيقى لهذا التأجيل، أنهم رأوا وجوب اشتراك مجموعة من العلماء فى عمل كهذا، يقوم كل واحد منهم ببحث مجال بعينه من مجالات المخطوطات العربية، ولا جدال أن إنسانا واحدا لا يستطيع أن يمتلك زمام كل مجالات التراث العربى، ولكنى رأيت بنفسى تعذر إمكانية اشتراك مجموعة من العلماء. وفوق ذلك فإن اقتناعى يزداد كل يوم، بأن دراسة التراث العربى لم تتقدم بعد تقدما كافيا. يتيح لنا الاتفاق على زمن نشأة فروع العلوم العربية المختلفة، التى تبحث فى هذا الكتاب، وهذا الاتفاق هو الشرط الأساسى للقيام بعمل جماعى كهذا، وربما يطول انتظارنا حتى يمكن تحقيق مثل هذا العمل الجماعى. فلا بد- أولا- من تكرار جهود عدد من العلماء، يبحث كل واحد منهم- على حدة- المواد الجديدة، ويجمع الدراسات الحديثة.
وبدلا من الاستمرار فى سرد الصعوبات، أود أولا أن أتحدث سعيدا شاكرا عن المساعدات الحقيقية التى قدمت لى: فإذا كنت قد استطعت أن أستمر فى عملى لإخراج هذا الكتاب، فإن الفضل الأول فى ذلك يرجع إلى الأستاذ «هارتنر prof.hartner «الأستاذ بجامعة فرانكفورت، فقد بادر إلى مساعدتى- فأمن وجودى عند ما اضطررت- لأسباب سياسية- إلى الخروج من معهدى، ثم من وطنى سنة ١٩٦٠ م. وكان الأستاذ «هارتنر» هو الذى هيأ لى أن أتفرغ سنوات عديدة للعمل فى معهده فى هذا الكتاب، وكان بجوارى كلما اعترضتنى عقبة. ولا تكفى هنا مجرد كلمات تقال عما أفادنى به- وهو العالم المتخصص فى تاريخ العلوم الطبيعية- فقد كان لى نعم السند، وبخاصة فيما يتعلق بآرائه كمتخصص فى علوم
1 / 14
العرب، كان علىّ أن أنتظر طويلا حتى يجئ يوم، أعبر فيه بهذه السطور عن شكرى له، وأهدى إليه هذا المجلد سعيدا مغتبطا.
وأقدم كذلك إلى أستاذى المبجل الأستاذ «ريتر prof.ritter «جزيل شكرى، وخالص ثنائى؛ لتقديمه لى كثيرا من المواد العلمية، وكان نقده وحكمه على بعض مقدمات الأبواب المختلفة للعلوم، حافزا لى ومشجعا على العمل. وأود أن أقدم كذلك خالص الشكر إلى صديقى الحبيب الأستاذ «شرم schram «من «توبنجن»، فقد تناقشنا فى قضايا التراث العربى، وكانت آراؤه حوافز جديدة دفعتنى إلى الاستمرار، وفوق ذلك فقد اطلع على بعض مقدمات هذا المجلد، وجزءا كبيرا من المجلد الثانى، وكتب عليهما ملاحظات ذات بال.
هذا وقد بذل السيد «فيدر f.c.wieder «مدير دار «بريل» للنشر e.j.brill جهدا كبيرا من أجل هذا الكتاب، فلم يتأثر بالأصوات التى كانت تحذره من أن فردا واحدا لا يستطيع القيام بمثل هذا العمل، ولم يثقل على، وترك لى حرية التصرف، وتكبد فوق تكاليف الطباعة مئونة مساعدتى ماليا عند القيام بكتابة هذا الكتاب، وكانت مساعدة السيد «فولفهارت هينريش - w olfhartheinrisch «الطالب بالدراسات العليا بكلية الفلسفة- مجدية وهامة، فقد قرأ أصول المجلدين: الأول والثانى من الألف إلى الياء، ولفت نظرى بواسع معرفته، وحدة معارضاته، إلى كثير من الأخطاء، وإلى اطراد المصطلحات، وفوق ذلك فإنه قد صحح التجارب الأولى والثانية للطباعة بنفس العناية والاهتمام. ودون مساعدته، كان الكتاب سيقدم إلى القارئ غير كامل، وبه كثير من الأخطاء، ولا يسعنى هنا إلا أن أقدم شكرى الخالص للسيد «هينريش». ولزاما على هنا أن أشكر أيضا زميلى السيد الدكتور «زالتسر w.saltzer «الذى قرأ المقدمات قبل الطباعة، ثم صححها بعدها، وكتب عليها ملاحظات مفيدة.
فإذا ما اتجهت بالشكر إلى الذين عملوا معى فى إستنبول: فأخص السيد الدكتور صالح توج، salihtug والسادة: رمضان شيشين، ramzansesen ويوسف زيا خفاجى، yusuf ziyakavak ومحمد أزهان، mehmet وعلى دريال. alidaryal وأشكر كذلك
1 / 15
السيد الدكتور عزت حسن مدير المكتبة الظاهرية بدمشق، وكذلك السيد فؤاد السيد (•) بدار الكتب المصرية بالقاهرة، فقد قدم لى هؤلاء جميعا- عن طيب خاطر- مساعدات كبيرة.
وإنه لتقصير كبير، إذا لم أذكر ما قامت به زوجتى من مجهود، فكل سطر، وكل كلمة من هذا الكتاب، تشهد بما قدمته من جلد وأفكار، فالفهرست قامت به وحدها، وفى الحقيقة أنه لولا مساعدتها ما كنت أستطيع تحقيق. هذا العمل، فإليها أقدم شكرى العميق.، فؤاد سزگين فرانكفورت/ على نهرالماين فى ٢٧ ديسمبر سنة ١٩٦٦ معهد تاريخ العلوم الطبيعية
_________
(•) توفى السيد- فؤاد السيد بعد الانتهاء من مقدمة المؤلف وقبل صدور الترجمة العربية. وكان- ﵀ من أحسن العارفين بالمخطوطات العربية (انظر مجلة «المجلة» ١٩٦٨ - القاهرة) - المترجم.
1 / 16
الباب الأول علوم القرآن
1 / 17
الفصل الأول القراءات القرآنية
عند ما كتب القرآن الكريم فى حياة الرسول ﷺ (١) على يد كتّاب الوحى المختلفين، وجمع فى عهد أبى بكر وعمر بن الخطاب (٢)، ودوّن المصحف الإمام لجنة بتكليف من عثمان بن عفان (٣)، تحوّل بذلك مركز الثّقل إلى رواية النّص المكتوب. (٤) ولم تستطع النسخ الأربع لمصحف عثمان التى كانت قد أعدّتها رسميّا تلك اللجنة التى كانت تتألف من زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث وعبد الله بن الزبير (٥) أن تجبّ بعضا من النّسخ الأقدم، وخاصة نسخة عبد الله بن مسعود ونسخة أبىّ بن كعب. إلّا أن هذه المصاحف التى أعدّتها لجنة عثمان بن عفان والتى وزّعت على الأمصار المختلفة، لم تكن تخلو هى الأخرى من بعض الاختلافات (٦)، حتى إنه روى أن عثمان بن عفان (٧) وعائشة (٨) (رضى الله عنهما) تحدّثا: «إن فى القرآن لحنا وستقيمه العرب بألسنتها». وإلى جانب هذا فقد استمرت القبائل فى قراءة القرآن الكريم وفق لهجة كل قبيلة مثلما كان عليه الحال من قبل فى حياة الرسول صلّى الله عليه
_________
(١) انظر نولدكه: تاريخ القرآن. t.noldede،desqor.ii،iff.
(٢) المرجع السابق ii،١١ - ١٤ والزركشى: البرهان ١/ ٢٣٥.
(٣) نفس المرجع
(٤) انظر برجشتراسر: تاريخ القرآن bergstrasser،gesch.desqor.ii،١١٩.
(٥) انظر المرجع السابق لنولدكه: تاريخ القرآن ii،٥٤ - ٥٥
(٦) انظر برجشتراسر فى المرجع الألمانى السابق فى الصحيفتين ٨، ١٢٠
(٧) انظر المرجع السابق فى صفحة ٢
(٨) كتاب المصاحف لابن أبى داود ٣٣ - ٣٤، وتفسير الطبرى ٦/ ١٦ والمرجع السابق لبرجشتراسر فى الموضع نفسه.
1 / 19
وسلم (٩)، وهذا بدوره أدّى إلى ظهور عدد من القراءات المختلفة بعد إعداد النّص الرسمى للقرآن (فى المصحف العثمانى). وكان بعض التابعين يعلّق أهمية كبيرة على قراءة الآية الواحدة خمس قراءات مختلفة (١٠) وقد ساعدت عوامل أخرى على نشوء دراسة النّص القرآنى المدوّن فى وقت مبكر جدّا وعلى تطوّر هذه الدراسة تطوّرا سريعا.
لقد بدأت أبسط الدراسات اللغوية المتعلقة بالقرآن الكريم فور تدوين المصحف العثمانى./ وهناك روايات كثيرة تقول بأن أبا الأسود الدؤلى (المتوفى ٦٩ هـ/ ٦٨٨ م) قد قام بوضع أول علامات تدل على الحركات والتنوين، (١١) وتم هذا بتكليف من زياد بن أبيه (المتوفى ٥٣ هـ/ ٦٧٣ م)، وهناك رواية أخرى تنسب ذلك إلى أحد تلاميذ أبى الأسود الدؤلى وهو نصر بن عاصم (١٢) (المتوفى ٨٩ هـ/ ٧٠٧ م). وقد أدى هذا التجديد إلى اعتراض بعض الصحابة وقدامى التابعين، ومنهم عبد الله بن عمر وقتادة والنخعى ومحمد بن سيرين. (١٣) ويبدو أن إدخال الكتابة الكاملة (ذات الحروف الساكنة) على النّص القرآنى ترجع أيضا إلى هذه الفترة، فقد ذكر ابن أبى داود السّجستانى أن عبيد الله بن زياد (المتوفى ٦٩ هـ/ ٦٨٨ م) -وكان واليا على البصرة- قد عهد إلى كاتبه يزيد الفارسى بهذا العمل. (١٤) أما تحزيب القرآن أى تقسيمه إلى أحزاب فيعدّ على الجملة من مآثر الحجاج بن يوسف وكان واليا على الكوفة. (١٥) وقد أدخل النحوى نصر بن عاصم السابق ذكره
_________
(٩) تفسير الطبرى، تحقيق أحمد شاكر ١/ ٥٦
(١٠) المرجع السابق ١/ ٥٣
(١١) انظر: طبقات النحويين واللغويين للزبيدى ١٣ - ١٤، ونقط المصاحف للدّانى ١٣٢ - ١٣٣، ومقدمة ابن عطية (للجامع) ٢٧٦، وانظر برجشتراسر فى المرجع الألمانى السابق فى صفحتى ٢٦١ - ٢٦٢.
(١٢) انظر: طبقات النحويين واللغويين للزبيدى ٢١، ومقدمة ابن عطية ٢٧٦.
(١٣) انظر برجشتراسر فى المرجع الألمانى السابق ٢٦٢.
(١٤) انظر: كتاب المصاحف ١١٧ والمرجع السابق لبرجشتراسر ٢٥٥.
(١٥) كتاب المصاحف ١١٩، ومقدمة ابن عطية (للجامع) ٢٧٦، وبرجشتراسر فى المرجع الألمانى السابق ٢٦٠
1 / 20
تسميات الأخماس والأعشار. (١٦) وأقدم كتاب نعرفه فى تقسيم آيات القرآن الكريم هو كتاب «عواشر القرآن» لقتادة (المتوفى ١١٨ هـ/ ٧٣٦ م). (١٧) وإلى هذه الفترة تقريبا ترجع أيضا رسالة لعمرو بن عبيد المعتزلى (٨٠ هـ/ ٦٩٩ م- ١٤٤ هـ/ ٧٦١ م) (١٨) تحت عنوان «أجزاء ثلاثة ومائة وستين».
وفى النصف الثانى من القرن الأول الهجرى كانت هناك مدارس فى القراءات قد نشأت حول بعض التابعين فى المدينة ومكة والكوفة والبصرة. (١٩) ولكنا لا نعرف من المصادر على نحو مباشر أقدم ما دوّن من هذه القراءات، فليست لدينا سوى بضع إشارات تشير إلى علاقات التلاميذ بشيوخهم. وهناك عبارة ترد كثيرا فى تراجم الرجال، نصّها: «أخذ القراءة عنه عرضا» (٢٠)، خلافا لعبارة: «روى القراءة عنه» التى نعرفها فى علم مصطلح الحديث. تدل العبارة الأولى على أن التلميذ قرأ النّص على شيخه، ونحن لا نعلم كيف كان بالضبط ذلك النص المقروء/. ومع هذا يجوز لنا أن نفترض أنه كان نسخة خاصة مضبوطة بالشكل، مما أدى أحيانا إلى التعبير: «له عنه نسخة» (٢١).
وأقدم مصادرنا لمعرفة الاختلافات بين مصاحف عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وأبى بن كعب، هى فيما يبدو- تفاسير القرن الأول الهجرى. وما وصل إلينا من هذه التفاسير القديمة مدوّن فى تفسير الطبرى وكتاب فضائل القرآن لأبى عبيد القاسم بن سلام يضم أيضا الكثير من هذه القراءات القديمة (٢٢). وربما تتاح لنا يوما ما فهارس بأسماء رواة التفاسير القديمة، وكتب القراءات تمكننا من إعادة تكوين بعض الرسائل التى ألفت فى القرن الأول الهجرى، وتعطى صورة واضحة لبدايات التأليف فى هذا
_________
(١٦) غاية النهاية لابن الجزرى ٢/ ٣٣٦، وبرجشتراسر ٢٥٨.
(١٧) طبقات ابن سعد (طبعة بيروت) ٧/ ٢٧٣.
(١٨) انظر مخطوط تشستربيتى رقم ٣١٦٥ (الأوراق ٣١ - ٤٠، من القرن السابع الهجرى).
(١٩) انظر برجشتراسر ١٦٢ - ١٦٩.
(٢٠) انظر غاية النهاية لابن الجزرى ١/ ٦٠٢ والترجمة رقم ٢٤٥٧، ١/ ٦٠٣، والترجمة تحت رقم ٢٤٦٣.
(٢١) انظر: غاية النهاية لابن الجزرى ١/ ٣٥١، الترجمة رقم ١٥٠٤ وكذلك ١/ ٤٧١، الترجمة رقم ١٩٦٥.
(٢٢) انظر ما كتبه برجشتراسر فى المرجع الألمانى السابق ٥٧ - ٥٩، ٨٢ - ٨٣.
1 / 21
المجال. إن أقدم كتاب نعرفه هو «كتاب فى القراءة» ليحيى بن يعمر (المتوفى ٨٩ هـ/ ٧٠٧ م) (٢٣) أحد تلاميذ أبى الأسود الدؤلى. وقد ألفه فى واسط وجمع فيه اختلافات المصاحف المشهورة، ويقال إن هذا الكتاب ظل مرجعا أساسيا حتى القرن الرابع الهجرى. وهناك كتاب قديم آخر على هذاالنحو هو كتاب: «اختلافات مصاحف الشام والحجاز والعراق» لعبد الله بن عامر اليحصبى (المتوفى ١١٨ هـ/ ٧٣٦ م) (٢٤) وإن صح ما جاء فى فهرس مخطوطات مكتبة تشستربيتى يمكن القول أيضا بأن كتاب «الجمع» لعاصم قد وصل إلينا من هذه الفترة (٢٥) وترجع أقدم الكتب التى نعرفها فى القطع والوصل ورسم المصحف إلى هذه الفترة تقريبا فقد ألّف- على سبيل المثال- عبد الله بن عامر «كتاب المقطوع والموصول» (٢٦)، وألّف شيبة بن نصاح المدنى (المتوفى ١٣٠ هـ/ ٧٤٧ م) وهو أحد أساتذة أبى عمرو بن العلاء كتاب «الوقوف» (٢٧)؛ أمّا «كتاب الوقف والابتداء» لأبى عمرو بن العلاء نفسه فقد ظل متداولا حتى القرن الخامس الهجرى، عند ما حصل الخطيب البغدادى فى دمشق على إجازة بروايته (٢٨) وإلى تلك الفترة أيضا ترجع أقدم الكتب التى نعرفها فى عد آيات القرآن، ومنها «كتاب العدد» للحسن البصرى (المتوفى ١١٠ هـ/ ٧٢٨ م) ولعاصم الجحدرى (المتوفى ١٢٨ هـ/ ٧٤٥ م) / ولأبى عمرو يحيى بن الحارث الذّمارى (المتوفى ١٤٥ هـ/ ٧٦٢ م) (٢٩) وقد ألف الذمارى أيضا فى رسم المصحف، أى فى هجاء القرآن (٣٠) ويبدو أن العصر الأموى عرف أيضا محاولة النحاة التطابق التام بين قراءة للقرآن
_________
(٢٣) مقدمة ابن عطية ٢٧٦.
(٢٤) انظر: الفهرست لابن النديم ٣٦، وقد شك برجشتراسر فى ذلك، انظر: المرجع الألمانى السابق ص ٩.
(٢٥) انظر مخطوط تشستربيتى بيتى رقم ٤٦٩٣.
(٢٦) انظر: الفهرست، لابن النديم ٣٦.
(٢٧) انظر: غاية النهاية لابن الجزرى ١/ ٣٣٠، الترجمة رقم ١٤٣٩.
(٢٨) انظر: مشيخة الخطيب البغدادى، الظاهرية مجموع ١٨ (١٢٨ ب).
(٢٩) انظر: الفهرست لابن النديم ٣٧.
(٣٠) انظر: الفهرست لابن النديم ٣٦، وبرجشتراسر فى المرجع الألمانى السابق ٢١.
1 / 22
الكريم تطابق قواعد النحو. وقد قوبل كتاب «اختيار فى القراءة على مذهب العربية» لمحمد بن عبد الرحمن بن محيصن (المتوفى ١٢٣ هـ/ ٧٤٠ م) (٣١) وكتاب «اختيار» لتلميذه عيسى بن عمر الثقفى (٣٢) (المتوفى ١٤٩ هـ/ ٧٦٦ م) بالاعتراض (٣٣).
ومن المرجح أن أشهر أصحاب هذا الاتجاه فى علم اللغة هو أبو عمرو بن العلاء الذى لا نستطيع أن نستخدم كتبه الكثيرة- باستثناء رسالة صغيرة (٣٤) - إلّا عن طريق تهذيبات متأخرة لها. ومن الأهمية بمكان أن نشير فى هذا الصدد إلى كتاب يضمّ قطعا مهمة من رسائل عن قدامى قرّاء القرآن ويقارنها بقراءة أبى عمرو بن العلاء، وهو كتاب «الخلاف بين قراءة عبد الله بن عامر وبين قراءة أبى عمرو بن العلاء ... عبد الله بن كثير ... عاصم ... حمزة» إلخ ... لعلى بن عساكر بن المرجّب البطائحى (المتوفى ٥٧٢ هـ/ ١١٧٦ م) (٣٥).
_________
(٣١) انظر: غاية النهاية لابن الجزرى ٢/ ١٦٧، الترجمة رقم ٣١١٨.
(٣٢) انظر: المرجع السابق ١/ ٦١٣، الترجمة رقم ٢٤٩٨.
(٣٣) انظر ما كتبه برجشتراسر فى المرجع الألمانى السابق ١٢٠ - ١٢١.
(٣٤) «رسالة فى القراءة» رواية يحيى بن المبارك اليزيدى، الظاهرية قراءة ٣٤٢ (الأوراق ١٤٦ - ١٤٩) انظر: عزة حسن ١/ ١٠٣ وإن صح أن هذه الرسالة برواية اليزيدى فلا يمكن أن تكون بعيدة عن الأصل، قارن ما كتبه برجشتراسر ص ١٣٩.
(٣٥) مخطوط بورسه، حراجى زاده ٧٢٦ (١٢٨ ورقة سنة ٦٣٤ هـ).
1 / 23
أولا: كتب القراءات فى العصر الأموى
١ - ابن عامر
هو عبد الله بن عامر بن يزيد اليحصبى. أصله من دمشق ولد سنة ٢١ هـ/ ٦٤١ م، وقيل سنة ٨ هـ ويعد من الجيل الأول من التابعين، كان من أصحاب القراءات السبع الصحيحة، وأكبرهم سنا. اعتمد فى قراءته فى المقام الأول على الصحابى المغيرة بن أبى شهاب. ولى ابن عامر القضاء فى دمشق فى خلافة الوليد بن عبد الملك. وتوفي سنة ١١٨ هـ/ ٧٣٦ م.
أ- مصادر ترجمته:
الجرح والتعديل لابن أبى حاتم ٢/ ١٢٢ - ١٢٣، الفهرست لابن النديم ٢٩، ميزان الاعتدال للذهبى ٢/ ٥١، غاية النهاية لابن الجزرى ١/ ٤٢٣ - ٤٢٥، التهذيب لابن حجر ٥/ ٢٧٤ - ٢٧٦، والأعلام للزركلى ٤/ ٢٢٨.
كتب عنه برجشتراسر فى تاريخ القرآن bergstrasser،gesch.desqoran ١٦٨::
ب- آثاره:
نسب ابن النديم (فى الفهرست ٣٦) لابن عامر كتابين، هما:
١ - كتاب اختلاف مصاحف الشام والحجاز والعراق.
٢ - كتاب المقطوع والموصول فى القرآن.
1 / 25
وكانت قراءة ابن عامر موضع عناية الأجيال التالية، وقد وصل إلينا من الكتب عنها: «الخلاف بين قراءة عبد الله بن عامر وبين قراءة أبى عمرو بن العلاء» تأليف على بن عساكر بن المرجّب البطائحى (المتوفى ٥٧٢/ ١١٧٦، انظر: الصفدى: نكت الهميان ٢١٤، السيوطى: بغية الوعاة ٣٤٣). ويوجد هذا الكتاب فى مخطوط فى بورسة، خراجى زاده ٧٢٦ - ١/ ق ١ أ- ٢١ أ- سنة ٦٣٤ هـ).
٢ - عبد الله بن كثير
هو عبد الله بن كثير بن المطلب الدّارى، أحد أصحاب القراءات السبع الصحيحة، ولد فى مكة سنة ٤٥ هـ/ ٦٦٥ م وسمع عددا من الصحابة وكان إلى جانب قراءة القرآن عالما بالعربية، تولى القضاء فى مكة المكرمة، وتوفي بها سنة ١٢٠ هـ/ ٧٣٨ م.
أ- مصادر ترجمته:
الجرح والتعديل لابن أبى حاتم ٢/ ١٤٤، الفهرست لابن النديم ٢٨، وفيات الأعيان لابن خلكان ١/ ٣١٤، غاية النهاية لابن الجزرى ١/ ٤٤٣ - ٤٤٥، التهذيب لابن حجر ٥/ ٣٦٧ - ٣٦٨، الأعلام للزركلى ٤/ ٢٥٥.
كتب عنه برجشتراسر فى تاريخ القرآن bergstrasser،gesch.desqoran ١٦٦:
ب- آثاره:
١ - ذكر الخلاف بين رواية عبد الله بن كثير وبين قراءة أبى عمرو بن العلاء، تأليف على بن عساكر بن المرجّب البطائحى (المتوفى ٥٧٢ هـ/ ١١٧٦ م) بورسة، خراجى زاده ٧٢٦/ ٢ (٢١ أ- ٣٧ أ، سنة ٦٣٤ هـ).
٢ - قراءة ابن كثير، تأليف أبى عمرو الدّانى (المتوفى ٤٤٤ هـ/ ١٠٥٣ م) انظر: بروكلمان، تاريخ الأدب العربى (طبعة ليدن) ١/ ٤٠٧، مخطوط خزانة الأوقاف بالرباط ٩٥٧.
1 / 26