153

History of Andalusian Literature (The Era of Cordoba's Dominance)

تاريخ الأدب الأندلسي (عصر سيادة قرطبة)

Penerbit

دار الثقافة

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٩٦٠

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

فلم يشعر الرمادي إلا بالستارة المقابلة له قد رفعت، وإذا هي خلوة أمامه، فقال لها أأنت مملوكة أبي فلان؟ (يعني صديقه) قالت: لا والله ولكني أخته. قال الرمادي: فكأن الله تعالى محا محبتها من قلبي، وقمت من فوري واعتذرت إلى صاحب المنزل بعارض طرقني وانصرفت (١) .
ولما أمر الحكم الأندلسي بإراقة الخمر في سائر جهات الأندلس، أبدى الرمادي أسفه لذلك وتوجع لشاربيها، وذكر الحكم بقصة أبي حنيفة الذي شفع في جار له سكير، وقال (٢):
بخطب الشاربين يضيق صدري ... وترمضني بليتهم لعمري
وهل هم غير عشاق أصيبوا ... بفقد حبائب ومنوا بهجر ثم تقلبت الأحوال بالرمادي، فانهم في أيام الحكم أيضا مع جماعة من الشعراء بشعر في ذم السلطان، ومنه هذا البيت:
يولي يعزل من بومه ... فلا ذا يتم ولا ذا يتم قال صاحب المطمح (٣): " وعاشت عنه أشعار في دولة الخليفة وأهلها، سدد إليهم صائبات نبلها، وسقاهم كؤوس مهلها، أوغرت عليه الصدور، وفغرت عليه المنايا ولكن لم يساعدها المقدور، فسجنه الخليفة دهرا، وأسلكه من وعرا ". واخذ الرمادي في سجنه ينظم الأشعار الكثيرة متشوقا إلى التحرر والخلاص حينا مستشفعا به إلى الخليفة، وعمل وهو مسجون كتابا سماه " كتاب الطير " في أجزاء، وكله من شعره، وصف فيه كل طائر معروف، وذكر خواصه، وذيل كل قطعة بمدح ولي العهد هشام بن الحكم، ليشفع فيه لدى أبيه (٤)، وقد رأى الحميدي هذا الكتاب بخط الرمادي ونسخ منه شيئا من الشعر،

(١) الجذوة: ٣٤٧، وطوق الحمامة: ٢٢ - ٢٣
(٢) الجذوة: ١٤ والمعجب: ١٤
(٣) المطمح: ٧٢
(٤) الجذوة: ٣٤٩

1 / 157