147

History of Andalusian Literature (The Era of Cordoba's Dominance)

تاريخ الأدب الأندلسي (عصر سيادة قرطبة)

Penerbit

دار الثقافة

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٩٦٠

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

أديرا علي الراح لا تشربا قبلي ... ولا تطلبا من عند قاتلتي ذحلي بقصيدة مطلعها:
أتقتلني ظلما وتجحدني قتلي ... وقد قام من عينيك لي شاهدا عدل وطريقته في المعارضة التزام المعاني الأصلية ومحاولة عكسها أو الزيادة فيها، فاذا قال مسلم: لا تطلب ذحلي قال ابن عبد ربه:
أطلاب ذحلي ليس بي غير شادن ... بعينيه سحر فاطلبوا عنده ذحلي فعكس المعنى عند صريع الغواني. وإذا تحدث مسلم انه كتم الحب عن عاذله فاستراح من العذل قال ابن عبد ربه انه يحب العذل لكي يذكر اسمها ولا شيء أحب إليه من العذل، وانه حقا كتم الحب كما كتمه مسلم ولكن الأسى هو الذي أخذ يعلنه بماء البكاء:
وأحببت فيها العذل حبا لذكرها ... فلا شيء أشهى في فؤادي من العذل
كتمت الهوى جهدي فجرده الأسى ... بماء البكا، هذا يخط وذا يملي ويزهى بهذا الذي فعله ويقول مفتخرا: " فمن نظر إلى سهولة هذا الشعر مع بديع معناه ورقة طبعه لم يفضله شعر صريع الغواني عنده إلا بفضل التقدم " (١) . وتعجبه صورة يعثر عليها فيفتخر بانه جاء بالغريب الذي لم يسبق إليه في مثل قوله:
حوراء داعبها الهوى في أحور ... حكمت لواحظها على المقدور
نظرت الي بمقلتي أدمانة ... وتلفتت بسوالف اليعفور
فكأنما غاص الأسى بجفونها ... حتى أتاك بلؤلوء منثور والصورة التي يعنيها هي في البيت الثالث حين رأى في الأسى صورة صائد اللؤلؤء منثورا هو دموعها، والصورة بالنسبة لأذواقنا اليوم قد تكون نابية وبخاصة اقتران الغوص بالعين، ولكنها كانت مما يعجب الأندلسيين حتى تداولها من بعد ابن عبد ربه غير واحد منهم. والحق ان هذه الأبيات تدل جيدا على مذهب

(١) العقد ٤: ٣٩٨ وما بعدها.

1 / 151