والمحتسب، وبالصدق في كل الأخبار، والعدل في الإنشاء من الأقوال، وتصلح جميع الأحوال، وهما قرينان كما قال تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا﴾ [الأنعام: ١١٥] .
وقال النبي ﷺ لما ذكر الظلمة: "من صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، ولا يرد عليّ الحوض، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه، وسيرد عليّ الحوض" ١.
وفي الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال: "عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإياكم والكذب! فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا" ٢.
ولهذا قال ﷾: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ، تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾ [الشعراء: ٢٢١] .
وقال تعالى: ﴿لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ، نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾ [العلق: ١٥] .
فلهذا يجب على كل ولي أمر أن يستعين بأهل الصدق والعدل، وإذا تعذر ذلك استعان بالأمثل فالأمثل وإن كان فيه كذب وظلم، فإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر وبأقوام لا خلاق لهم، والواجب إنما هو فعل المقدور، وقد قال النبي ﷺ أو "عمر بن الخطاب": "من قلد رجلًا على عصابة هو يجد في تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله وخان رسوله، وخان المؤمنين" ٣.
_________
١ أخرجه الإمام أحمد في مسنده "٢/ ٩٥"، والنسائي في سننه "٧/ ١٦٠" عن "كعب بن عجرة" وهو حديث حسن.
٢ روى مثله مسلم في صحيحه "١٦/ ٣٩٨" عن عبد الله بن مسعود بلفظ "وما يزال" لا "ولا يزال"، وكذلك عنه الترمذي في سننه "٨/ ١٤٧" والإمام أحمد في مسنده "١/ ٣٨٤" وروى نحوه البخاري في صحيحه "١٠/ ٥٠٧" عنه أيضًا، وكذلك مسلم في صحيحه "١٦/ ٣٩٦، ٣٩٧" وأبو داود في سننه "١٣/ ٣٣٣" بدءًا بالنهي عن الكذب، "إياكم والكذب"، وهو حديث صحيح.
٣ رواه الحاكم في مستدركه "٤/ ٩٢" عن "ابن عباس" عن رسول الله ﷺ، وقال: "حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الإمام الذهبي على ذلك.
1 / 12