عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا، وجزاه عنا أفضل ما جزى نبيًّا عن أمته.
أما بعد:
فهذه: "قاعدة في الحسبة". أصل ذلك أن تعلم أن جميع الولايات في الإسلام مقصودها أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، فإن الله ﷾ إنما خلق الخلق لذلك، وبه أنزل الكتب، وبه أرسل الرسل، وعليه جاهد الرسول والمؤمنون.
قال الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦] .
وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: ٢٥] .
وقال: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦] .
وقد أخبر عن جميع المرسلين أن كلا منهم يقول لقومه:
﴿اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [الأعراف: ٥٩] .
وعبادته تكون بطاعته وطاعة رسوله، وذلك هو الخير والبر والتقوى والحسنات، والقربات والباقيات الصالحات والعمل الصالح، وإن كانت هذه الأسماء بينها فروق لطيفة ليس هذا موضعها.
وهذا الذي يقاتل عليه الخلق، كما قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٣]
وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري ﵁ قال: سئل النبي ﷺ عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، فأي ذلك في سبيل الله؟ فقال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" ١.
_________
١ من حديث أبي موسى الأشعري. رواه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه "١٣/ ٥٣"، وبنحوه "١٣/ ١٥٤"، وبنفس اللفظ رواه الترمذي في سننه "٧/ ١٥٠"، والإمام أحمد في مسنده "٤/ ٣٩٧"، وروى نحوه البخاري في صحيحه "١/ ٢٢٢" و"١٣/ ٤٤١"، وابن ماجه في سننه "٢/ ٩٣١"، وهو عندنا حديث صحيح.
1 / 6