عنه، فإن فرض على الأعيان كما أخرجاه في الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال:
"من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" ١.
وكل من أراد الله به خيرًا، لا بد أن يفقهه في الدين، فمن لم يفقهه في الدين لم يرد الله به خيرًا. والدين: ما بعث الله به رسوله، وهو ما يجب على المرء التصديق به والعمل به، وعلى كل أحد أن يصدق محمدًا ﷺ فيما أخبر به، ويطيعه فيما أمر تصديقًا عامًا وطاعة عامة، ثم إذا ثبت عنه خبر كان عليه أن يصدق به مفصلًا، وإذا كان مأمورًا من جهة بأمر معين كان عليه أن يطيعه طاعة مفصلة.
وكذلك غسل الموتى، وتكفينهم والصلاة عليهم، ودفنهم: فرض على الكفاية. وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على الكفاية.
والولايات كلها: الدينية مثل إمرة المؤمنين، وما دونها: من ملك، ووزارة، وديوانية، سواء كانت كتابة خطاب، أو كتابة حساب لمستخرج أو مصروف في أرزاق المقاتلة أو غيرهم، ومثل إمارة حرب، وقضاء وحسبة، وفروع هذه الولايات إنما شرعت للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وكان رسول الله ﷺ في مدينته النبوية يتولى جميع ما يتعلق بولاة الأمور، ويولي في الأماكن البعيدة عنه، كما ولى على مكة عتاب بن أسيد، وعلى الطائف عثمان بن أبي العاص، وعلى قرى عرينة خالد بن سعيد بن العاص، وبعث عليًّا ومعاذًا وأبا موسى إلى اليمن، وكذلك كان يؤمر على السرايا ويبعث على الأموال الزكوية السعاة، فيأخذونها ممن هي عليه ويدفعونها إلى مستحقيها الذين سماهم الله في القرآن، فيرجع الساعي إلى المدينة وليس معه إلا السوط، لا يأتي إلى النبي ﷺ بشيء إذا وجد لها موضعًا يضعها فيه.
وكان النبي ﷺ يستوفي الحساب على العمال، يحاسبهم على المستخرج والمصروف، كما في الصحيحين عن أبي حميد الساعدي أن النبي ﷺ
_________
١ رواه البخاري في صحيحه "١/ ١٦٤"، ومسلم في صحيحه "١٣/ ٧٢"، والدارمي في سننه "١/ ٦٥" وابن ماجه في سننه "١/ ٨٠"، والإمام أحمد في مسنده "١/ ٣٠٦"، والترمذي في سننه "١٠/ ١١٤" وقال: حسن صحيح.
1 / 25