Hiasan Manusia dalam Sejarah Abad Ketiga Belas
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر
Penyiasat
محمد بهجة البيطار - من أعضاء مجمع اللغة العربية
Penerbit
دار صادر
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م
Lokasi Penerbit
بيروت
من الجبل أبي الأمراء الدفع، فطلب الأمير من قائد عسكر الجزار أن يتلف أشجار بيروت وأن يستأصلها بالقطع، ففعل وقتل جماعة من رجالهم معتصمًا بحبل الظلم والعدوان، ثم دهم الشويفات فرجع عنها بالخزي والخسران، ثم سار إلى صيدا ثم إلى بعلبك وعظم أمره في تلك الأقطار، وحيئذ خرجت بيروت من يد الأمير يوسف ودخلت في حكومة الجزار، فأمر الجزار قائده أن يضبط ما للأمير واللبنانيين في البقاع، عوضًا عما أتلفه من الرجال والأشجار والمتاع، فلما بلغ الأمير ذلك اصطلح مع أمراء الجبل وجمع عسكرًا لمقاتلة الجزار المذكور، فانهزم في عدة مواقع وهو مكسور، ثم بعد ذلك وقع الصلح بين الأمير يوسف والجزار، فصار يساعده ويواده وهو عنده بمنزلة المستشار، ثم إن الجزار بعد أن أنعم عليه الأمير ظاهر العمر وقلده قيادة جيشه وعدده ومدده، جحد معروفه وخانه وقتله بيده، وحيث كان ظاهر العمر عدوًا للدولة أنعمت على الجزار مكافأة على ذلك بولاية عكا وصيدا معًا، فبقي عليهما إلى حين أن أوقعته المنية في أودية المهالك، ثم بعد تلقيب السلطان له بالوزارة ولاه على دمشق زيادة على توليته، وذلك عام ألف ومائتين وثمانية عشر فزاد في الطغيان على عادته، من قتل الأنفس وسلب الأموال، حتى قتل من أعيان دمشق خلقًا كثيرًا من ذوي الكمال، من أجلهم وأفضلهم السيد عبد الرحمن أفندي المرادي مفتي الحنفية وأسعد أفندي المحاسني مفتي الحنفية أيضًان واصطنع للناس أنواع العذاب بآلات
اخترعها له طائفة من الأكراد، وأعانوه على ظلمه للعباد، حتى أكثروا في البلاد الفساد، وأقروه على دعواه أنه مجدد الوقت، بل باء هو وإياهم بالطرد والمقت، وكان رئيسهم رجلًا يدعي التصوف، ويقول إن الشيخ الأكبر في فتوحاته المكية أخبر عنه، وادعوا أن قتل الأنفس وسلب الأموال، وجميع ما يفعله ليس حرامًا عليه بل حلال، هكذا شاع عنهم حتى أكفروا علماء العصر بإنكارهم عليهم، وألف بعض المتهورين ممن أضله الله على علم في ذلك كتابًا وادعى فيه أنه المجدد، وكان من أعوانه، وكان من جملة أعوانه أيضًا رجل اسمه عبد الوهاب، له اطلاع في بعض العلوم، أرسله إلى دمشق مع طائفة من المعذبين والعساكر وكان رئيسهم وإليه المشورة في أمورهم، فما زال يتغالى في قباحته، ويتعالى في مضرته وإساءته، ويتلذذ بقتل الرجال، وسلب الأموال، حتى كادت تخافه الأطفال، وترتج لسطوته الجبال، وكان قد اجتمع هذا الضال يومًا مع الفاضل العلامة السيد شاكر العقاد في دار المولى حمزة أفندي العجلاني مفتي السادة الحنفية، فشرع الخبيث يطنب في مدح الجزار، وأقسم بالله العظيم أنه ليس بظالم وأنه عادل وكرر ذلك مرارًا. ثم أقسم أنه على الكتاب والسنة، ثم التفت مخاطبًا السيد شاكر المرقوم وقال له يا شيخنا أما تقول أنه عادل؟ فحاوله الشيخ المرقوم رحمه الله تعالى وقال له إن له على الناس فضلًا عظيمًا حيث دفع عنهم شر الفرنج لما حاصروه في عكا وبذل جهده في ذلك، فقال له لا أسألك عن هذا، فقال له أنا أقول أن ذنوبنا كثيرة والله تعالى أرسله إلينا لينتقم منا به. فعرض بذلك إلى أن الظالم ينتقم الله تعالى به ثم ينتقم منه. قال السيد شاكر ﵁ وفهم الخبيث مني ذلك حتى رأيت شعر شاربيه كالمسلات واقفًا من شدة الغيظ، ثم قام الشيخ وانقضى المجلس على ذلك، فرحم الله تعالى روحه ونور مرقده وضريحه، ما أصلبه في دينه، حيث لم يور في كلامه بأنه عادل عن الحق ويرضيه بذلك الخوف ضرره، وقد كفاه الله تعالى شر هذا الخبيث. خترعها له طائفة من الأكراد، وأعانوه على ظلمه للعباد، حتى أكثروا في البلاد الفساد، وأقروه على دعواه أنه مجدد الوقت، بل باء هو وإياهم بالطرد والمقت، وكان رئيسهم رجلًا يدعي التصوف، ويقول إن الشيخ الأكبر في فتوحاته المكية أخبر عنه، وادعوا أن قتل الأنفس وسلب الأموال، وجميع ما يفعله ليس حرامًا عليه بل حلال، هكذا شاع عنهم حتى أكفروا علماء العصر بإنكارهم عليهم،
1 / 129