Hikmah Barat
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
Genre-genre
ومن نهر النيل إلى السند خاضعا خلال فترة قصيرة من الزمان لحاكم واحد هو الإسكندر، الذي كان ينظر لنفسه على أنه حامل مشعل الحضارة اليونانية، على الرغم من أنه كان في نظر اليونانيين أنفسهم مجرد قائد مقدوني منتصر. والواقع أن الإسكندر لم يكن فاتحا فحسب، بل كان مستعمرا أيضا؛ فحيثما حملته جيوشه كان يؤسس مدنا يونانية تدار شئونها بأساليب يونانية، وفي مراكز الحياة اليونانية هذه كان المستوطنون الإغريق أو المقدونيون الأصليون ينصهرون مع السكان المحليين. وكان الإسكندر يشجع مواطنيه المقدونيين على الزواج من النساء الآسيويات، ولم يجد غضاضة في أن يمارس بنفسه ما كان يحض عليه، ولكي تكون النسب محفوظة، فقد اتخذ من أميرتين فارسيتين زوجتين له.
على أن إمبراطورية الإسكندر كانت من حيث هي دولة شيئا عارضا زائلا. فبعد موته توصل قواد جيوشه آخر الأمر إلى تقسيم مناطق الإمبراطورية إلى ثلاثة أجزاء؛ فوقع الجزء الأوروبي أو الأنتيجوني
2
من الإمبراطورية في فترة تزيد قليلا عن المائة العام في أيدي الرومان، وتفككت أوصال المملكة الآسيوية أو السيلوسية
Seleucid ،
3
واستولى عليها الرومان في الغرب والبارثيون
4
وغيرهم في الشرق. أما مصر البطلمية فقد أصبحت رومانية في عهد أغسطس، غير أن الفتح المقدوني أحرز مزيدا من النجاح من حيث هو ناقل للمؤثرات اليونانية. فقد أخذت الحضارة اليونانية تصب في آسيا، وأصبحت اللغة اليونانية هي لغة الثقافة في كل مكان، وتطورت بسرعة فأصبحت هي اللغة الشائعة للتبادل التجاري، تماما كما حدث للغة الإنجليزية في العقود الأخيرة. وهكذا فإن الإنسان في حوالي عام 255ق.م. كان يستطيع أن يتكلم اليونانية من بوابة هرقل حتى نهر الكنغ.
5
Halaman tidak diketahui