Hikmah Barat
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
Genre-genre
Attie ، وأصبح كل شيء في تمدد واتساع، بحيث لم يعد ثمة هدف بعيد المنال أمام الإنسان، وخير ما يعبر عن هذا الإحساس العارم بالثقة بالنفس هو الكورس المشهور في مسرحية «أنتيجوني» لسوفوكليس: «كم في الحياة من مخلوق جبار، ولكن الإنسان أعظمها جبروتا»، ولكن هذا النوع من الشعور غاب في العصور التالية، وإن كان قد عاد مرة أخرى إلى الحياة خلال عصر النهضة الحديثة؛ ففي كتابات أديب النزعة الإنسانية الإيطالي، ألبرتي
Alberti ، نجد آراء مشابهة إلى حد بعيد عن مكانة الإنسان، ولا شك أن عصرا يتسم بكل هذا القدر من الحيوية لا يمكن أن يدرك حدوده. غير أن الثقة بالنفس يمكن أن تؤدي إلى الغرور والفوضى؛ ولذا بدأ سقراط، في المراحل المتأخرة من القرن الخامس، يذكر الناس بصورة الخير.
هذا إذن هو الإطار الذي بلغت فيه الحضارة اليونانية أوج عظمتها، لقد كانت تلك الحضارة القائمة على مبدأ كامن فيها هو مبدأ الانسجام، معرضة للتمزق بفعل الصراعات الداخلية، وربما كان هذا في النهاية هو الذي زاد من عظمتها؛ ذلك لأنها برغم أنها لم تتمكن أبدا من إقامة دولة تضم اليونانيين جميعا، قد قهرت كل من غزوا أرض اليونان وما زالت إلى اليوم تشكل الإطار الذي تدور فيه حضارة الغرب.
كان أول الفلاسفة الذين عاشوا في أثينا هو أناكساجوراس
Anaxagoras
الذي ظل هناك قرابة ثلاثين عاما، منذ نهاية الحروب الفارسية حتى أواسط القرن. ولقد كان أناكساجوراس من حيث المولد أيونيا من مدينة كلازوميناي
Clazomenae ، وكان من حيث اهتماماته وريثا للمدرسة الأيونية في ملطية. وكانت بلدته الأصلية قد وقعت في قبضة الفرس في وقت الثورة الأيونية، ويبدو أنه وفد إلى أثينا مع الجيش الفارسي، وتروي الأخبار أنه كان معلما وصديقا لبريكليز
، بل يرى البعض أن يوريبيدس
Euripides
كان في وقت ما واحدا من تلاميذه.
Halaman tidak diketahui