Hikmah Barat
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
Genre-genre
بالمعنى الحرفي للكلمة ؛ ففي رأي فيثاغورس أن الهواء اللامحدود هو ما يحافظ على تميز الوحدات، والوحدات هي التي تجعل اللامحدود قابلا للقياس. وفضلا عن ذلك فاللامحدود هو ذاته الظلمة، والحد هو النار، وهو تصور نابع، كما هو واضح من رؤية السماء والنجوم. وقد اعتقد فيثاغورس شأنه شأن الملطيين أن هناك عوالم كثيرة، وإن كان من غير المحتمل، تبعا لنظرته إلى العدد، أن يكون قد وصفها بأنها عوالم لا تعد ولا تحصى. وقد توسع فيثاغورس في فكرة أنكسيمندر، فذهب إلى أن الأرض كرة، وتخلى عن نظرية الدوامة التي قال بها الملطيون. غير أن القول بنظرية في مركزية الشمس كان لا بد أن ينتظر مجيء فيلسوف لاحق، كان بدوره من سكان ساموس.
ولقد كان اهتمام الفيثاغوريين بالرياضيات هو الذي أدى إلى ظهور نظرية سنصادفها فيما بعد، هي نظرية المثل أو نظرية الكليات
universals . فحين يبرهن الرياضي على نظرية خاصة بالمثلثات، فإنه لا يتحدث عن أي شكل محدد مرسوم في مكان ما، وإنما يتحدث عن شيء يراه بعين العقل، ومن هنا ينشأ التمييز بين المعقول والمحسوس، وفضلا عن ذلك فإن النظرية التي يتم إثباتها تكون صحيحة بلا قيد أو شرط، وتظل صحيحة في كل زمان. وحسبنا أن نسير خطوة واحدة بعد ذلك لنصل إلى الرأي القائل إن المعقول وحده هو الحقيقي والكامل والأزلي، على حين أن المحسوس ظاهري، ناقص، زائل، فتلك إذن نتائج مباشرة للفيثاغورية ظلت مسيطرة على الفكر الفلسفي، فضلا عن الفكر اللاهوتي، منذ ذلك الحين.
ولنذكر أيضا أن الإله الرئيسي عند الفيثاغوريين كان أبولو، على الرغم مما في معتقداتهم من عناصر أورفية، ولقد كان التيار الأبولوني هو الذي ميز اللاهوت العقلاني في أوروبا من صوفية الشرق.
وهكذا تزعزعت أركان العقيدة الأولمبية القديمة تحت تأثير الفيثاغوريين الأوائل، وظهرت محلها نظرة دينية جديدة، على أن زينوفان
Xenophanes
قد شن هجوما أعنف بكثير على الآلهة التقليدية. وقد ولد زينوفان هذا على الأرجح في عام 565ق.م. في أيونية، وهرب إلى صقلية عندما جاء الغزو الفارسي في عام 545ق.م، ويبدو أن هدفه الرئيسي كان استئصال مجموعة آلهة الأوليمبي التي اتخذ كل منها صورة الإنسان، كما أنه عارض النزعة الصوفية التي سادت حركة الأحياء الأورفية، وتهكم على فيثاغورس.
أما الشخصية التالية في ذلك التراث الفلسفي فهي شخصية هرقليطس
Heracleitus
الذي كان ينتمي إلى مدينة إفسوس
Halaman tidak diketahui