Hikmah Barat
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
Genre-genre
لقد عانت سلطة البابا في القرن الرابع عشر من تدهور سريع؛ فعلى الرغم من أن الحبر الأعظم أثبت أنه هو الأقوى في الصراع مع الإمبراطورية، فإنه لم يعد من السهل على الكنيسة أن تتحكم في رعاياها عن طريق إبقاء سيف التهديد بالطرد من الكنيسة مسلطا على رءوسهم دائما. وبدأ الناس يتجاسرون على التفكير في الأمور الإلهية بأنفسهم، وكانت البابوية قد فقدت سيطرتها المعنوية والروحية على المفكرين والباحثين، على حين أن الملوك وجماهير الناس كانوا معا غير مرتاحين من جراء الأموال الضخمة التي كان يفرضها عليهم مبعوثو البابا. كل هذه الاتجاهات كانت قد بدأت تتبلور، بالرغم من أنها لم تكن قد بدأت تأخذ شكل صراع علني عند بداية القرن، بل إن البابا بونيفاتشي
Bonigace
الثامن، أكد في مرسومه الذي يحمل عنوان «الواحد المقدس» السلطة البابوية إلى حد يتجاوز مطالب أنوسنت الثالث ذاته، فقد أعلن عام 1300م سنة «يوبيل»، يسمح فيه لأي واحد من رعاياه يقصد روما للحج بأن يمتع نفسه متعة كاملة. وعلى حين أن هذا قد أدى إلى تأكيد السلطة الروحية للبابا، فقد ساعد أيضا على إضافة كميات ضخمة من المال إلى خزينته، فضلا عن إثراء سكان روما، الذين كانت حياتهم اليومية ترتبط برعاية الحاجات الدنيوية للحجاج. وبلغ نجاح اليوبيل حدا تقرر معه أن يتكرر بعد خمسين عاما، ثم بعد خمسة وعشرين بعد أن كان يأتي مرة كل مائة عام.
وبالرغم من مظهر السيطرة الخارجي هذا، فإن سلطة يونيفاتشي الثامن كانت مبنية على أساس هش؛ فمن حيث هو إنسان، كان يحب الذهب إلى حد لا يليق بقطب الكنيسة، أما في أمور الإيمان فلم يكن نموذجا للتمسك بالعقيدة. ولقد ظل طوال ولايته في صراع إما مع الأساقفة الفرنسيين، وإما مع ملكهم فيليب الرابع، وهو صراع خرج منه ملك فرنسا ظافرا، وكان كليمنت الخامس هو البابا التالي، الذي انتخب عام 1305م ، وهو فرنسي اتخذ لنفسه في عام 1309م مقرا في أفينيون، وخلال وريته استطاع فيليب الرابع أن يقمع فرسان المعبد
Templars
بتواطؤ من البابا، وهو إجراء وحشي اتخذ بناء على حجج باطلة اتهموا فيها بالهرطقة، ومنذ ذلك الحين أصبحت معارك البابا تؤدي إلى تقويض سلطته. فقد أدى الخلاف بين يوحنا الثاني والعشرين وبين الفرنسسكان إلى دخول أوكام في حلبة الصراع. وفي روما أدى غياب البابا في أفينيون إلى حركة انفصال جزئي بقيادة كولا دي رينزي
Cola di Rienzi ، وهو مواطن لروما بدأ بمحاربة النبلاء الفاسدين في روما، وفي النهاية تحدى البابا والإمبراطور معا، معلنا أن مقر الحكم في روما كما كان فيما مضى.
وفي عام 1352م نجح البابا كليمنت السادس في إيقاع رينزي في الأسر، ولم يطلق سراحه إلا بعد عامين من موت البابا. وقد عاد رينزي إلى الحكم في روما، غير أن الجماهير فتكت به بعد بضعة أشهر.
ولقد فقدت البابوية قدرا كبيرا من نفوذها عندما نفيت إلى فرنسا. وحاول جريجوري الحادي عشر إصلاح هذا الوضع بالعودة إلى روما في عام 1337م، ولكنه مات في العام التالي، ونشبت صراعات بين خليفته الإيطالي إيريان السادس، وكاردينالات فرنسا الذين انتخبوا روبير من جنيف
Robert of Geneva
Halaman tidak diketahui