أنا فيها على شفا تغرير
إذا أدبرت كانت على المرء حسرة
وإن أقبلت كانت كثيرا همومها
هذا ما أمر الملك فيردون بنقشه في إيوان قصره: حذار أيها الإنسان من خداع الدنيا وغرورها، فما دامت لحبيب، ولا أبقت على صاحب؛ فهي اليوم تخدعك وتقبل عليك، وغدا تخلعك وتذهب عنك، فإن كنت غنيا فسوف تبدد شمل مالك، وإن كنت ذا منى فهي القاضية على مناك وآمالك. يا أيها المفتتن بغرورها، متى غرتك؟ أبمصارع آبائك من البلى، أم بمضاجع أمهاتك تحت الثرى؟! واعلم يا صاحبي، أنك لا محالة ذاهب عنها؛ فأجدر بك أن لا تأبه لها إذا رفعتك إلى عرش الملك والسلطان، أو وضعتك إلى أسفل دركات الذل والهوان؛ فإن الموت داعيك، والفناء مناديك في أية حال كنت، فلا ينفعك بكاؤك، ولا يغني عنك أحباؤك، ولا عرشك بمطيل عمرك، ولا فقرك بمدنيك من أجلك.
السلطان محمود
لعمرك لا يرد الموت حصن
ولا هذي العساكر والجنود
زعموا أن سلطانا من سلاطين خراسان رأى فيما يرى النائم السلطان محمودا بعد موته بمائة عام، فإذا الجسم قد اعتدى عليه التلف فصار ترابا، سوى أنه رأى عيني السلطان تحملق به وتجولان في محاجرهما؛ فهب من نومه فزعا، واستدعى الحكماء والعلماء، وطلب منهم أن يفتوه في رؤياه، فعجز المفسرون عن التفسير، وقصر مدى الحكماء عن البيان والتعبير، سوى درويش من الصالحين، وكان الملك خاشعا خاضعا، فقال له: إنني يا مولاي أوتيت علم الرؤى، فقال الملك: فسر ما ذكرت إن كنت من الصادقين، قال المفسر: إن السلطان محمودا لا يزال ينظر إلى هذه الدنيا بعين الحنق والغيظ، وهو محملق بك في المنام كأنه يسألك: كيف استبحت لنفسك ملكا كان يدعيه لنفسه؟! ويسائل العرش كيف يرضى بغيره بعد أن طواه الردى في رمسه؟!
عظة الأحياء بالأموات
هي القناعة فالزمها تعش ملكا
Halaman tidak diketahui