في إحدى ليالي الأرق أرى من نافذتي هذا المنظر.
أرى شبح رجل يترنح، يتلاطم مع الجدران، يتعثر فيقع ثم يقوم بمشقة، تندلق من فيه السائب أغنية «أنا أبله كنت هبلة» ثم يندفع فاقد التوازن كأنه ثور يتوثب للنطح، وبعد مغالبة للقوى المجهولة ينطرح كالقتيل.
يراه بعض أهل الخير فيحمله أحدهم - لعله فران - ليطرحه على لوح عجين، ثم يتعاون مع آخرين على رفعه، ويمضون به!
يصادفهم على بعد خطوات سكران آخر يترنح ويتعثر ويقوم ويقع، وإذا بالسكران الأول يضحك من فوق لوح العجين ويصيح بالآخر: إخص، حقيقة إنك مرة، تسكر حتى تقع من طولك وتضحك عليك الناس؟ اسفخص.
في زمن متأخر، وفي ظروف غاية في الجدية، يعاودني ذلك المنظر حاملا إلي معاني جديدة لم تخطر لي على بال من قبل حين رؤيته.
الحكاية رقم «37»
عم ينسون الصرماتي كهل لا تشوب سمعته شائبة، يموت ابنه رمضان عقب مرض لم يمهله طويلا. يحزن الكهل كالمتوقع، ولكنه يقدم على فعل غريب يجعل منه أحدوثة الحارة قبل أن تجف دموعه، ما ندري إلا وهو يعقد زواجه على دليلة خطيبة ابنه المتوفى، يعقد زواجه عليها ولما يمر على الوفاة شهر واحد! هل جن الرجل؟
وعلى فرض جنونه، ألا يسعه أن ينتظر عاما أو بعض عام؟
وكيف توافق دليلة وفارق السن بينهما أكثر من أربعين عاما؟
ولكن الخبر حقيقة لا شك فيها، وها هي دليلة تنتقل إلى بيت عم ينسون لتعيش فيه مع زوجته وبقية أسرته.
Halaman tidak diketahui