وأذهب إلى الشيخ لبيب في مجلسه قبيل القبو، يتربع على فروة بجلبابه المزركش، وطاقيته البيضاء، مكحول العينين، مزجج الحاجبين، أعطيه المنديل ومليما وقطعة سكر، فيشم المنديل ويتفكر مليا، ثم يقول: عما قريب يمتلئ الكراز ويغني العصفور.
وأرجع إليها وأنا أردد ما سمعته لأحفظه، ويسعدني دائما أن أؤدي لها خدمة من الخدمات.
ويطلب يدها صاحب محل فراشة، غني في الخمسين، ذو زوجة وأولاد، فتتزوج منه، تعاشره عامين ثم تختفي من بيته ومن الحارة جميعا، مخلفة وراءها ضجة وعارا، وإصابة في كبرياء أم عبده. •••
وفي ذات ليلة من ليالي الزمن الجاري الذي لا يتوقف، أجدني وجها لوجه مع إحسان، ترقص وتغني:
عومي على الميه
يا بت يا شاميه
وتراني فيشع من عينيها نور العرفان، أقف ذاهلا ولكنها تتلقاني ببساطة وبابتسامة مشجعة. تقبل نحوي، فتأخذني من يدي إلى حجرتها، ثم تغلق الباب وتغرق في الضحك، وتقول لي بعد أن جلسنا: الدنيا واسعة ولكنها في النهاية كالحق.
وأتفرس في وجهها فتسألني عن أمها قائلة: كيف حال أم عبده؟ - عال. - ودولت أختي؟ - بكريها في المدرسة. - ووالدتك وأخواتك؟ - بخير.
فتقول بمودة: زرني كثيرا.
وأسألها بعد تردد: كيف جئت إلى هنا؟
Halaman tidak diketahui