Cerita Tanpa Permulaan dan Akhir
حكاية بلا بداية ولا نهاية
Genre-genre
5
انتظرها في الردهة المفضية إلى بهو الاستقبال ثم قادها من يدها إلى المكان الذي أخلاه الشيخ تغلب الصناديقي. انسابت آثار النوم في تجاعيد وجهها وعينيها الكليلتين، وجعلت تتثاءب بصوت كالأنين وهي تتساءل: كم الساعة الآن؟ - نحن في أواخر الليل يا أماه. - وماذا يبقيك مستيقظا حتى الآن؟ - إنها ليلة لم تخلق للنوم فيما أرى. - لم والعياذ بالله؟
فتفكر حائرا من أين يبدأ ثم تمتم: دعوتك لأمور هامة فأصغي إلي جيدا وافتحي لي قلبك بلا تردد. - ليكن خيرا ما دعوتني من أجله. - الخير يتوارى هذه الأيام في بطون الزواحف السامة. - ماذا بك يا بني؟ - لقد عاصرت أبي وأمي وعمتي، ربيتنا جميعا وأرضعتنا. - ليمد الله في أعمار الباقين وليرحم من انتقلوا إلى جواره.
فجلس إلى جانبها وهو يقول: أطالبك بالصدق والصراحة ولو زلزل ذلك السماوات السبع، سنعود معا في رحلة طويلة إلى الماضي. - الماضي؟! - أجل، الماضي، الماضي الذي يتوارى بمكر أحيانا كاللص ولكنه لا يموت، ثم يبعث بغير دعوة ولا رغبة. - لا أفهم عم تتكلم يا بني؟ - لا شك أنك تتذكرين عمتي؟ - طبعا، يرحمها الله. - حدثيني عنها. - أنت تعرف كل شيء عنها، ليرحمها الله. - دعيني مما أعرف، وحدثيني عما لم أعرف.
ارتسم القلق في صفحة الوجه الضامر وقلقت شفتاها دون أن يند عنها صوت. - إنها لم تمت كما قيل يا أماه. - ليرحمها الله. - لم تمت، لا فائدة من الإنكار، عشرات وعشرات من أبناء حارتنا يعرفون اليوم الحقيقة فلا جدوى من إخفائها.
هتفت المرأة مستغربة: أبناء حارتنا؟! - نعم، إنهم يقرءون مغامراتها بشغف شيطاني ويتندرون بها. - لا أفهم شيئا. - ألم تسمعي عن الشيخ أبو العلاء؟ - رضي الله عنه. - فلتمزقه أيدي الأبالسة في الجحيم الأبدي. - يا رب السماوات! - تكلمي يا أم هاني. - لم تفسد الطيبات التي أنعم الله بها عليك؟ - أستحلفك بالله .. بأبي .. بمولانا الأكرم. - لا تحفر في الماضي الذي مضى. - أحق ما يقال من أنها عشقت في شبابها ضابطا إنجليزيا؟ - يا ألطاف الله. - وأنها هربت إليه بليل ثم رحلا معا إلى إنجلترا؟
تراجعت العجوز في فزع، تمتمت: من .. كيف .. ارحم نفسك يا بني. - هل مرقت من دينها حفيدة القطب الأعظم؟ - اللهم ارحمنا. - كذبيني إن استطعت.
أغمضت المرأة عينيها في حزن ويأس: أكان بعض كبار الإنجليز يدعون إلى بيتنا هذا على عهد أبي؟ - كان له أصدقاء منهم ولا عيب في ذلك. - ولكن أحد أولئك الأصدقاء الكرام انقض على أخته فطار بها. - قلبي يتقطع يا بني. - تمنيت أن تكذبيني ولكن الحقيقة كالموت لا مهرب منها ولا نجاة.
وهز رأسه في يأس ثم عاد يقول: وقيل وقتذاك في الحارة إنها سافرت للعلاج ثم أذيع بعد ذلك أنها غرقت في البحار فأقيم مأتم أمه المريدون وغيرهم من أبناء حارتنا الطيبة الساذجة، كان أي شيء يجوز على حارتنا التي لم يعد يجوز عليها شيء .
أطرقت المرأة حتى خيل إليه أنها نامت أو ماتت. لم يجد في قلبه قدرة على العطف ولكنه قال: لا تؤاخذيني على إزعاجك، أنت أم الأسرة وسرها، وحولك تتفجر أحداث مفجعة فلا مفر من أن يصيبك رشاش منها!
Halaman tidak diketahui