تعود الناس أن يقرءوا ما يكتب بالقلم العريض، فماذا يؤثر بهم الهمز والغمز؟ الجلود متمسحة، وهيهات أن تغرز الإبر فيها، فلا بد لها من المسلات.
كان والدي يوصي الفلاح حين يسلمه الفدان في أول الري ألا يكثر من النكز بالمساس ويقول له: اسمه مساس يا نعمه، ومن اسمه تعرف كيف تستعمله. الفدان الذي تنكزه دائما يتعود، وهناك البلاء.
أنا أعتقد أن كثرة الكتابة وخصوصا تلك التي تكتب بالنبوت لا تؤثر بأحد، وخصوصا في هذا الزمن الذي انهارت فيه المثل العليا وقل الحياء، ألا يسمون الكذاب داهية، والدجال سياسيا، والوصولي ألمعيا، والانتهازي عبقريا، والأنوف الأبي، حمارا لا يعرف يعيش!
ماذا تريدون أن نكتب لمن يطمسون ما نسطر بكلمة عابرة ؟ حكي جرائد؟ إن الذي كان يتوارى حياء إذا لاكت اسمه ألسنة الناس قلما تجده في هذه الأيام.
غفر الله ذنب ابن الوردي الذي جنى على العدالة حين قال:
إن نصف الناس أعداء لمن
ولي الأحكام هذا إن عدل
فأمسى يتمثل ببيته هذا كل مسيء ممن يلون الأحكام. أعرف واحدا كان متهما في نزاهته، وقد رأيته في مساء يوم لهجت فيه الصحف بسوء، فقال يعتذر عن ذلك: إرضاء الناس صعب. المسيح لم يرض كل البشر، وما سلم من لسانهم، فكيف تطلب ذلك من هذا العبد الحقير.
فقلت له: ضميرك مرتاح؟
فقال: جدا.
Halaman tidak diketahui