تبعهم الكلب لمسافة ما، في شبه تهديد لهم.
قالت ماري: «لا تقلقي أستطيع التعامل مع أي كلب، بل أراهن أنني أستطيع مواجهة دب إن صادفنا واحدا ونحن في طريقنا.» «ألا تكون الدببة في بيات شتوي في هذا الوقت من العام؟»
كنت أشعر بفزع شديد من ذلك الكلب، لكني تظاهرت باللامبالاة. «بلى، لكن من يدري ماذا سيحدث. لقد ظهر أحدهم ذات مرة في الصباح الباكر، واختبأ وسط القمامة في المصحة. استدارت أمي ووجدته أمامها؛ فأحضر ريدي بندقيته وقتله.» «كان ريدي يأخذني أنا وأنابل لنتنزه باستخدام المزلجة، وكان يأخذ في بعض الأحيان أطفالا آخرين. إن له صفيرا خاصا كان يطلقه فتفزع منه الدببة وتفر هاربة. لقد كان صفيره عاليا بدرجة لا تحتملها الأذن البشرية.» «حقا؟ أرأيت ذلك؟» «لا، لم يكن من هذا النوع. أعني ذلك الصوت الذي يمكن أن يصدره من فمه.»
كنت أفكر في الأداء في الفصل. «لا أدري، لربما كان ذلك حتى لا تفزع أنابل، لقد قال ذلك حينها. فلم تكن تستطيع التزلج، فكانت تجلس على المزلجة ويجرها هو. كنت أجلس عادة خلفها، وأحيانا كنت أقفز على المزلجة، وكان يقول: ما الذي أصاب ذلك الشيء، إنه يزن طنا؟ ثم كان يحاول أن يستدير للخلف سريعا ليمسك بي، لكنه لم يستطع قط أن يفعل ذلك. ثم كان يسأل أنابل ما الذي جعل المزلجة ثقيلة الوزن هكذا، ويسألها عما تناولته في وجبة الإفطار، لكنها لم تكن تخبره أبدا. وكنت لا أفعل ذلك عندما يصطحب أطفالا آخرين؛ فالأمر لا يكون لطيفا إلا حينما نتواجد أنا وأنابل فقط. لقد كانت أفضل صديقة يمكن أن أعرفها في حياتي.» «وماذا عن الفتيات الأخريات في المدرسة؟ ألسن صديقاتك؟» «إنني فقط ألهو معهن حينما لا يكون هناك أحد أتحدث إليه. إنهن لا يعنين أي شيء لي.» «كان عيد ميلادي أنا وأنابل في نفس الشهر؛ شهر يونيو . وفي عيد ميلادنا الحادي عشر اصطحبنا ريدي إلى البحيرة في أحد القوارب، وعلمنا السباحة، أو بالأحرى كنت أنا من يتعلم؛ فقد كان عليه دائما أن يمسك بأنابل وهو يعلمها السباحة؛ حيث لم يكن بمقدورها السباحة بمفردها. وحين ذهب للسباحة بمفرده، ملأنا حذاءه بالرمال. وفي عيد ميلادنا الثاني عشر لم نستطع أن نذهب لأي مكان كهذا، لكننا ذهبنا إلى منزله وصنع لنا كعكة بهذه المناسبة. لم تستطع هي أن تتناول ولو قطعة صغيرة منها؛ لذا أخذنا في سيارته وأخذنا نلقي ببعض قطع الكعك من نوافذ السيارة لإطعام طيور النورس التي أخذت تتصارع وتصرخ بجنون. انفجرنا في نوبة من الضحك الشديد، وكان عليه التوقف بالسيارة وحمل أنابل خشية أن تصاب بنوبة نزف.»
وأضافت: «بعد ذلك، لم يعد من المسموح لي رؤيتها؛ فلم تكن أمي تريد أن أخالط ثانية أطفالا مصابين بالسل، لكن ريدي تحدث معها في هذا الأمر وأخبرها أنه سيمنعني عندما تستدعي الحالة ذلك. وقد حدث هذا بالفعل فيما بعد وكدت أجن، ولكن لم يكن باستطاعة أنابل أن تلهو ثانية حيث اشتد بها المرض. سأجعلك ترين قبرها، لكن ليس ثمة علامات فوقه تميزه. سنضع أنا وريدي علامات عليه فيما بعد حينما يتسع وقته لذلك. لو كنا قد سرنا مباشرة في خط مستقيم عبر الطريق بدلا من الانحراف للأسفل كما فعلنا، لكنا قد ذهبنا للجبانة التي دفنت فيها، المخصصة لمن ليس لديهم من يأتون ليأخذوهم ويدفنوهم حيث ينتمون.»
وفي تلك الأثناء هبطنا وسرنا على الأرض الممهدة مقتربين من المصحة.
قالت: «أوه، كدت أنسى.» وأخرجت حفنة من التذاكر. «إنها من أجل عيد الحب. إننا سنمثل مسرحية بالمدرسة تحمل اسم «بينافور». علي بيع كل تلك التذاكر التي بحوزتي، ويمكن أن تكوني أنت أول من يشتري مني. أنا سأمثل فيها.» •••
كنت محقة بشأن المنزل الذي رأيته في أمندسون؛ فقد كان منزل الطبيب بالفعل. لقد دعاني إلى هناك لتناول العشاء. لقد كانت الدعوة وليدة اللحظة، وذلك عندما التقى بي في الردهة. فربما لم يتذكر على نحو غير مريح قوله بأنه علينا أن نلتقي للحديث بشأن بعض أفكار التدريس.
كان مساء اليوم الذي حدده للقاء هو نفس يوم عرض مسرحية «بينافور» التي اشتريت تذكرتها من ماري، وأخبرته بذلك فقال: «في واقع الأمر، لقد ابتعت واحدة أنا الآخر. لكن هذا لا يعني أنه علينا الحضور.» «لكني تقريبا وعدتها أنني سأذهب.» «حسنا، والآن يمكنك أن ترجعي في وعدك غير المؤكد هذا؛ فأنت لن تحتملي مشاهدتها، صدقيني.»
فعلت كما قال بالرغم من أنني لم أر ماري لأخبرها. انتظرت حيث طلب مني، في الشرفة المفتوحة خارج الباب الأمامي. كنت أرتدي أفضل ثيابي، الذي كان لونه أخضر داكنا، ومحاكا من قماش الكريب، وأزراره تشبه حبات اللؤلؤ الصغيرة، وياقته مزينة بالدانتيل. وحشرت قدمي في حذاء ذي كعب عال من جلد سويدي داخل حذاء الثلج العالي الرقبة. انتظرت لفترة بعد الوقت المحدد وأنا أشعر بالقلق؛ أولا: كنت أخشى أن تخرج رئيسة الممرضات من حجرتها وتلمحني، وثانيا: كنت أخشى أن يكون هو قد نسي موعدنا.
Halaman tidak diketahui