سادت فترة من الصمت ربما كانت نابعة من الاحترام.
لكنها لم تكن كذلك، بل كانت من أجل إلقاء نظرة متفحصة على معطفي. «إنه حقا معطف رائع. ما نوع هذا الفراء الذي يغطي ياقته؟» «فراء حمل فارسي. إنه تقليد في واقع الأمر.» «كدت أخدع وأظنه أصليا. لا أدري لم أحضروك إلى هنا، فالطقس شديد البرودة هنا. معذرة، هل تودين رؤية الطبيب؟ فبإمكاني اصطحابك إليه، أنا أعرف مكان كل شيء هنا؛ فلقد عشت في هذا المكان منذ مولدي، وأمي تدير المطبخ. اسمي ماري، وأنت ما اسمك؟» «فيفي. فيفيان.» «إن كنت معلمة، ألا ينبغي أن أدعوك بالآنسة؟ الآنسة ماذا؟» «الآنسة هايد.»
قالت مازحة لاعبة على معنى لقبها هايد بالإنجليزية الذي يعني «جلد»: «ادبغي جلدك. آسفة لأن هذا قد خطر على ذهني. كنت أود أن تكوني معلمتي لكن ينبغي علي الذهاب إلى المدرسة في البلدة. إنها تلك القوانين الغبية؛ فعلي الذهاب إلى هناك لأنني لم أصب بمرض السل.»
بينما نتحدث معا قادتني حتى الباب الموجود في نهاية الغرفة، ثم عبر ردهة مستشفى نظامي حيث الأرضيات المغطاة بالمشمع، والطلاء الأخضر الباهت، ورائحة المطهر التي تفوح من المكان. «والآن بما أنك قد وصلت إلى هنا، يمكنني أن أجعل ريدي يحل محلي في قيادتك.» «من هو ريدي؟» «ريدي فوكس. إنه يبدو وكأنه آت من داخل كتاب. لقد بدأت أنا وأنابل لتونا نطلق عليه ذلك.» «من هي أنابل؟» «إنها لا تعد موجودة الآن، لقد ماتت.» «أوه، أنا آسفة.» «لا عليك، إنه ليس خطأك، فهذا الأمر يحدث هنا دوما. لقد التحقت بالمدرسة الثانوية هذا العام. لم تذهب أنابل للمدرسة مطلقا، وحينما كنت أنا في المدرسة الإعدادية كان ريدي يجعل معلمة البلدة تتركني لأمكث فترات طويلة في البيت، وذلك حتى أكون في رفقتها.»
توقفت أمام أحد الأبواب الذي كان مواربا، وأطلقت صفيرا. «مرحبا، لقد أحضرت المعلمة.»
قال صوت رجل: «حسنا ماري. تكفي صحبتك ليوم واحد.» «حسنا. لقد سمعت ما تقول.»
انصرفت وأخذت تسير بخطى بطيئة، وتركتني في مواجهة رجل نحيف متوسط الطول، شعره الأصفر المائل للحمرة مقصوص على نحو جعله قصيرا للغاية، وكان يلمع في الضوء الصناعي الآتي من الردهة.
قال: «لقد التقيت بماري. إن لديها الكثير الذي يمكن أن تقوله عن نفسها، لكنها على أية حال لن تكون في الفصل الذي ستدرسين له؛ لذا لن يكون عليك تحمل ذلك كل يوم، فالناس إما يحبون طريقتها وإما لا تستهويهم على الإطلاق.»
بدا لي أنه يكبرني بنحو يقرب من عشرة أعوام إلى خمسة عشر عاما، وكان يتحدث إلي في البداية بطريقة الرجل الأكبر سنا؛ كصاحب العمل المستقبلي المشغول الذهن دائما. سألني عن رحلتي، والترتيبات الخاصة بشأن إحضار حقيبتي. كان يريد أن يعرف شعوري بصدد العيش هنا في الغابة، وخاصة أنني كنت أقيم في تورونتو، وسألني إن كنت سأشعر بالملل نتيجة لذلك أم لا.
قلت له إنني لن أشعر بذلك على الإطلاق، وأضفت أن المكان جميل. «يبدو الأمر ... يبدو الأمر وكأنني داخل رواية روسية.»
Halaman tidak diketahui