Hayat Sharq
حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره
Genre-genre
فليتها اقتصرت على ذلك، بل ألغت معظم المحاكم الشرعية وهدمت بنيان قواعدها المؤسسة على تقوى من الله ورضوانه فصرنا حيارى من هذا الفعل الشنيع، حيث استبدل بالشرع الحنيف القانون الروسي وما أدراك ما هو القانون الروسي ! قانون قاصر على مصلحة الروسيين غير المسلمين، أما هؤلاء فحقوقهم أمامه ملغاة لا يعبأ بها في شيء، وبذلك فقدنا ديننا وضاعت حقوقنا في نظر الشرائع الروسية التي تخالف كل شرع سماوي وقانون وضعي، وتباين كل ناموس جعلته الأمم عونا لها في هذه المدلهمات ونصيرا في جميع الملمات ...
فبأي شرع وبأي قانون تعلن بيع أراضي مسلمي قزان التي يمتلكونها من زمن مديد وانتزاعها من أيديهم وخصوصا في ولاية «صردريا» التي أصبح أهلها ينتظرون من حين لآخر إحداق الفقر بهم وهبوط المجاعة بواديهم ولا راحم لهم ولا نصير؟!
وقد رفعوا العرائض تلو العرائض إلى جلالة القيصر لينصفهم، فلم يكن نصيبهم منها إلا تركها في زوايا الإهمال والإعراض عن النظر في مظلمتهم بل صارت نسيا منسيا.
أما تعصب الروسيا نحو الدولة العلية فحدث عنه ولا حرج، فإنها منعت المسلمين من أن يستعملوا أي شيء من شعارها أو يقوموا بمساعدة نحوها، فقد حرمت عليهم لبس الطربوش العثماني وأصدرت أمرها رسميا بمنع لبسه وخصوصا فيما يلي الولايات العثمانية بآسيا، كما منعتهم من القيام بأي إعانة لمشروعاتها الحربية أو الدينية، ولذلك لما تكاتف المسلمون على تعضيدها في التأسيسات الحربية وتبرع حضرة المثري «طرس بك حاجي» من أعيان ولاية «صمريج» سامته من العذاب ألوانا وأفضى الأمر أن زج في أعماق السجون.
كل هذا يجري بين أرجاء العالم الإسلامي الروسي وأصواتنا خافتة مضغوط عليها بيد من حديد، كما أن الجرائد السلافية عموما والإسلامية خصوصا محرم عليها أن تذكر شيئا من هذه المظالم لا تصريحا ولا تلميحا.
هذه هي حالتنا بعثنا بها إليكم ليطلع عليها قراء لوائكم الأغر ويعرفوا مقدار ما تصبه دولة الروس علينا من المظالم الجائرة والتعسفات الهائلة.
13 نوفمبر سنة 1904
الإمضاء و. ق
وقد يتوهم بعض الناس أنه عندما زال الحكم القيصري وتبلشفت روسيا وزالت من قلبها شهوة الاستعمار وانطفأت من نفوس زعمائها جذوة الحقد على الشرق والإسلام، أصبحوا يعطفون على الأمم التي كانت خاضعة للحكم القيصري فتركوها تتنفس الصعداء.
ولكن الحقيقة غير ذلك، فإن هؤلاء البلشفيك الظالمين قد أرهقوا جميع الشعوب الآسيوية الإسلامية وألحقوا الأذى بسمرقند وبخارى وخيوه وجميع مدن تركستان الغربية، وهم يهددون أهلها بالخراب والقتل إن لم يتركوا دين الإسلام ويصبحوا ملحدين بغير دين، وقد جند المرحوم أنور باشا جيشا عظيما لمحاربتهم في سنة 1922 فحاربوه وكانت الحرب بينه وبينهم سجالا يوما لهم ويوما له حتى هزم واستشهد - رحمه الله - فهؤلاء القوم هم أعداء الإسلام وأعداء المدنية الإسلامية، ولا يمكن أن تتفق معهم الشعوب الشرقية المسلمة مطلقا بدون تعريض دينها ومدنيتها وحريتها للزوال، لأن الروس البلشفيك لا دين لهم ولا حكومة والمسلمون لهم دين وحكومة. أما المبادئ الإنسانية المنسوبة للاشتراكية الروسية فلدينا في ديننا أضعاف أضعافها إذا طبقنا مبادئنا على حقيقتها، وربما كانت البلشفية نافعة لأمة همجية أو أمة بغير مدنية ولا حضارة ولا تاريخ، أما نحن فلنا حضارتنا وتاريخنا.
Halaman tidak diketahui