Hayat Sharq
حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره
Genre-genre
ثم أشار إلى المهدي السوداني فقال:
إنه كان في الإمكان أن ينقلب نبيا آخر لو لم يعتمد في حكمه على السيف ومدافع مكسيم والمذابح الدموية، مهملا أنواع الخداع الذي امتاز به محمد.
ونحن نقول لونستون تشرشل الذي نعرفه ونعرف تاريخه هو وأباه من قبل: هل يستبيح أي رجل من وزراء الشرق أو زعمائه أو علمائه أو رجال الدين فيه لنفسه مهما كانت أخلاقه أن يتعرض لسيرة السيد المسيح عليه السلام أو سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام بعبارة قارصة أو جارحة؟ وهل يعجز أي إنسان عن الطعن في هذين الرسولين والإساءة إلى سمعتيهما وتشويه حقائق تاريخهما، ولو على سبيل الانتقام للنبي محمد؟ كلا! إن هذا في مقدور كل كاتب عربي وكل مؤرخ مسلم، لا سيما بعد ما ألفه رجال الدين المسيحي ورجال الدين الإسرائيلي من كتب «النقد العالي» في الديانتين وأشرنا إليه في مكان آخر من هذا الكتاب.
ولكن كتاب المسلمين ومفكريهم أمثال شكيب أرسلان ورشيد رضا والمراغي وكرد علي والدجوي وعبد الرازق ومحمد علي والثعالبي ومحمد إقبال وسير شافعي والنشاشيبي وأحمد زكي وغيرهم عشرات من المنورين والكتاب الأمجاد؛ يربئون بأدبهم ودينهم وكرامتهم وتسامحهم أن يدنسوها بالطعن في مقام عيسى ابن مريم أو موسى بن عمران أو حتى أحد القديسين أو الحاخامية، ويكفي فضلا أن مصطفى منير أدهم المؤرخ المسلم المصري هو الذي أحيا منذ بضع سنين ذكرى موسى الميموني الذي يسميه اليهود موسى الثاني وهو طبيب وفيلسوف إسرائيلي، وكان قبل إحياء ذكره على يد المؤرخ المسلم كمية مهملة في قبو من أقبية حارة اليهود بمدينة القاهرة.
فكتابة تشرشل ضد النبي محمد في الوقت الذي يقر أساتذة تشرشل وسادته من الإنجليز خاصة والأوربيين عامة بعظمة محمد وصدقه وإخلاصه وجلال رسالته (راجع صفحات 325 إلى 339) من «تاريخ العالم» تأليف ج. ه. ولز ولفيف من العلماء.
ليس تشرشل صادقا في قوله ولا مخلصا في نقده. إن من يسب محمدا مهرج ومهوش ومأفون، وإنها لقرحة تنز في صدره ضد الإسلام والمسلمين، لأنه هو وأمثاله مغيظون من بقاء الإسلام ثابت الأركان إلى الآن ودخول الناس في دائرته بدون دعاة ولا مرشدين ولا مبشرين كغيره من الأديان مع تكاثر المعاول المتجهة نحو هدمه ومع انشغال أهله ببعضهم بعضا وممالأة زعانفهم لمناوئيه، وفي هذا وحده برهان على أنه دين تكفله قوة خارقة وتحوطه وقاية غير طبيعية وغير مألوفة.
إن كان تشرشل يجهل العربية فهو لا يجهل لغته ولا اللغتين الفرنسية والألمانية، وقد ألف المؤرخون في هاتيك اللغات تراجم لمحمد ثبت فيها أن أخلاقه كانت طاهرة شريفة وشهد أعداؤه الذين قاتلوه وأخرجوه من وطنه بمكارم أخلاقه. قال منني المستشرق في مقدمته لترجمة القرآن:
كان محمد أمينا، وكان أعدل أهل وطنه، وقام بمهمة شديدة الخطورة بين قوم من المشركين يعبدون الأوثان، يدعوهم إلى التوحيد ويغرس في نفوسهم عقيدة خلود الروح. وإن رجلا قام بهذه الأعمال لا يعد من العظماء فقط بل يستحق أن يكون نبيا مرسلا. ا.ه.
وقال عشرات غيره مثل هذا القول وأكثر، لا سيما نولدكه وويلهاوزن ونيكلسون وجولد زيهر وليون كايتاني وسنوك هيرجرونجه وجريمه مؤرخ النبي في كتاب «الأمة العربية». فمن يكون ونستون تشرشل ذلك المغامر المطواح الذي لا فضل له إلا في أنه ينتسب إلى أبيه راندولف تشرشل؟!
هل محمد يوصف بالخداع أيها الشخص وكل الناس تعلم أن الرجل المخادع ليس في قدرته مهما كان دهاؤه أن يؤسس دينا يدخل الناس فيه أفواجا بالملايين طائعين مختارين؟
Halaman tidak diketahui