Hayat Sharq
حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره
Genre-genre
ولأجل هذا قابله الحسين مقابلة رسمية مقابلة الخلفاء السفراء، فكانت النتيجة أن الإنجليز وقفوا على ما يضمره الحسين وعلموا مقدار حقده عليهم، ورأوا أنه يلعب بالنار، فتركوه حتى يحرق أنامله وأيديه وأوعزوا إلى ابن سعود أن يتم إشعال النار حتى تصل إلى جبة الرجل وعمامته، فلما اتصلت وعلا لهبها فر من كانوا أول مشعليها، ولم يفروا خفافا بل فروا ثقالا بما سلبوه ونهبوه من مكان الحريق، وجاء ابن سعود رئيس فريق المطافئة «الأنجلونجدية» فأطفأ ما استطاع إطفاءه وأنقذ ما استطاع إنقاذه ... باسم العالم الإسلامي أولا ثم باسمه ثانيا.
وفي ربيع الثاني خطب ابن سعود قائلا:
إن مكة للمسلمين كافة، وسنجتمع هناك بوفود (العالم الإسلامي) فنتبادل وإياهم الرأي، وسيكون الحجاز مفتوحا لكل من يريد عمل الخير من الأفراد والجماعات!
وفي أوائل ديسمبر سنة 1924 دخل ابن سعود مكة فجاء بعض أعيانها وبادروا إلى يده يريدون تقبيلها، فمنعهم قائلا: «المصافحة من عادات العرب، أما عادة التقبيل فقد جاءتنا من الأجانب، ونحن لا نقبلها.» ثم خطب خطبة قصيرة جاء فيها:
كان من أحب الأمور عندي أن يقيم الحسين بن علي شرع الله فأجيئه مع الوافدين أحب على يده (أقبلها) وأساعده في جميع الأمور ...
وبعد ذلك بيومين اجتمع علماء نجد الوهابيون بعلماء مكة، فأقر علماء مكة المسائل الجوهرية في المذهب الحنبلي الوهابي وقبلوها، وفي اليوم نفسه أقر ابن سعود ما كان لعلماء مكة من المرتبات والمنح والوظائف. فأنت ترى سياسة «شيلني وأشيلك» معروفة ومعمولا بها حتى في مكة المكرمة بين الوهابيين والسنيين ، فعلماء مكة الذين كانوا يعتبرون أهل نجد الوهابيين كفارا قد أقروا عقيدتهم عند دخول هؤلاء الوهابيين عاصمة ملكهم، فكافأهم ابن سعود بإقرار أرزاقهم في منشور جاء فيه:
كل من كان من العلماء في هذه الديار من موظفي الحرم الشريف أو المطوفين ذا راتب معين، فهو له على ما كان عليه من قبل إن لم نزده. وكل من له حق ثابت في بيت مال المسلمين أعطيناه حقه. ا.ه.
فالجزاء من جنس العمل، أنتم يا علماء مكة تؤمنون بعقيدتنا، ونحن نقرر أرزاقكم ونزيدها ونفتح لكم باب بيت مال المسلمين على مصراعيه.
وانتهى الأمر باستيلاء ابن سعود على الحجاز وخطب خطبة طويلة جاء منها:
لم يفسد الممالك إلا الملوك وأحفادهم وخدامهم والعلماء المملقون وأعوانهم. ومتى اتفق الأمراء والعلماء ليستر كل منهم على صاحبه فيمنح الأمير المنح والعلماء يدلسون، ضاعت حقوق الناس، وفقدنا والعياذ بالله الآخرة والأولى.
Halaman tidak diketahui