كانت ماري آجنس تجلس على ممخضة اللبن ولا تبدو عليها المفاجأة.
وسألتني برفق: «لماذا أتيت إلى هنا؟ سوف تضلين الطريق.»
لم أجبها، ودون أن أستدير أخذت أتجول في الغرفة. تذكرت أنني كنت أتساءل عما إذا كان ثمة شيء في عربة الأطفال تلك. بالطبع كان هناك أشياء، كومة من مجلات «فاميلي هيرالد» القديمة. سمعت صوت أمي تناديني، وبدت قلقة بعض الشيء ومتسمة بالاحترام رغما عنها. لم أصدر صوتا لا أنا ولا ماري آجنس. ماذا كانت ماري آجنس تفعل هنا؟ كانت قد عثرت على زوج من الأحذية النسائية طويلة الرقبة قديمة الطراز مربوطة بالأشرطة في مقدمتها، ومزينة بالفراء، وكانت تمسك بهما بقوة، ثم حكت الفراء تحت ذقنها. «إنها فراء أرنب.»
ثم جاءت إلي ووضعت الحذاء أمام وجهي مباشرة. «فراء أرنب؟» «لا أريدهما.» «تعالي كي تلقي نظرة على العم كريج.» «كلا.» «إنك لم تريه بعد.» «كلا.»
ظلت واقفة أمامي تسد طريقي وتحمل الحذاء في كلتا يديها، ثم قالت مرة أخرى بنبرة خبيثة مغرية: «تعالي كي تري العم كريج.» «لن أفعل.»
ألقت الحذاء ووضعت يدها على ذراعي، وغرست أصابعها فيها بقوة. حاولت التخلص منها، ولكنها أمسكت بي باليد الأخرى وجذبتني نحو الباب. وبالنسبة لفتاة ضعيفة كهذه - فتاة كادت تلقى حتفها بالتهاب الشعب الهوائية ثلاث مرات من قبل - كانت تتمتع بقوة خارقة. تسللت يدها حتى خصري، وبقبضة محكمة فظة أمسكت بيدي، وظل صوتها متمهلا ناعما مبتهجا. «تعالي كي تري العم كريج.»
فخفضت رأسي وأدخلت ذراعها في فمي المفتوح، وأمسكت بذراعها الملساء المتينة من تحت المرفق، وظللت أعضها حتى مزقت الجلد بحرية تامة معتقدة أنني قد فعلت أسوأ ما يمكنني فعله. لقد تذوقت دماء ماري آجنس أوليفانت! •••
لم أكن مضطرة لحضور الجنازة، ولم يكن أحد ليجبرني على أن ألقي نظرة على العم كريج. فأدخلوني إلى مكتبه على الأريكة الجلدية التي كان يغفو عليها في وقت القيلولة وحيث كان الأزواج ينتظرون للحصول على تصاريح الزواج، ووضعت فوق ركبتي بطانية رغم حرارة الجو وبجواري كوب من الشاي، وقد منحوني كذلك شريحة من الكعك، ولكني تناولتها في الحال.
عندما عضضت ماري آجنس ظننت أنني أقطع نفسي من كل شيء، ظننت أنني أبعد نفسي بعيدا حيث لن يكون عقاب ما كافيا، وحيث لن يجرؤ أحد على أن يطلب مني النظر إلى رجل ميت أو إلى أي شيء آخر. ظننت أنهم سوف يكرهونني جميعا، وبدت لي الكراهية في ذلك الوقت شيئا مرغوبا فيه للغاية وكأنه هدية من الأجنحة.
ولكن كلا، فالحرية لا تأتي بهذه السهولة، رغم أن العمة مويرا - التي ظلت تؤكد أنها اضطرت إلى جذبي بعيدا عن ذراع ماري آجنس والدماء تغرق فمي (وهي كذبة، فقد كنت قد ابتعدت عنها بالفعل، وكانت ماري آجنس تقف منحنية هناك تبكي وقد تملك منها الذهول بعد أن خارت قواها الشيطانية) - أمسكت بكتفي وأخذت تهزني بقوة وهي تمسك وجهي الذي كان على بعد سنتيمترات قليلة من صدرها المصفح، وجسدها يرتجف فوقي كتمثال يوشك على الانفجار. «كلبة مسعورة! الكلاب المسعورة فقط هي التي تعض بهذا الشكل! يجب على والديك أن يحبساك!»
Halaman tidak diketahui