وتكاشفنا مرة ثانية بأن تكاتمنا مرة ثانية ...
هي ... بماذا أصف مكانا للحب كأنما مر به سر الخلود فإذا الوقت فيه لا يشبه نقصانا من العمر، بل زيادة عليه، وكانت يا حبيبتي كل دقيقة وثانيتها في مجلسك الساحر كأنها بعض الفكرة والحس لا بعض الزمان والمكان ... ... وكنت وما أشعر من سحرك إلا أني بإزاء سر وضعني في ساعة من غير الدنيا وحصرني فيك وحدك ...
وهاجمتني من يقظتي واقتحمت علي من حذري ...
وخليتني وعينيك، وخليتني وما كتب علي ...
واتسعت روحي لتشملك، فما كنت تتكلمين ولا تضحكين ولا تخطرين في غرفتك، ولكن في داخل نفسي ... ... وكنا نتكلم ولكن ألفاظنا تتعانق أمامنا ويلثم بعضها بعضا من حيث لا يراها إلا عيناي وعيناك.
وتراءت النفسان فملأتا المكان بأفراح الفكر، واستفاض السرور على جمالك بمعنى كلون الزهرة النضرة، هو عطرها للنظر.
وقلت لي بجملتك: أنا ... وقلت لك بجملتي: وأنا ...
هو
إني لأعرفه عرفاني بنفسي، فما بي شك فيما أكتب عن حبه، ولقد خلطني بنفسه زمنا فإني لأسمع نجواه وأقرأ سره وأعرف ذات صدره، فما أصف من حبه إلا مستيقنا كأنما أنقل عن لوح مسطور في فؤادي، أو أثبت من حادثة في تاريخ أيامي ماثلة في نفسي بصورها وألوانها وحوادثها فما يغيب عني منها شيء، ولولا تقاليد الناس وآداب الجماعة لمزقت النقاب عن وجه الحديث وجلوته على القراء في بيان سافر كإشراق الضحى، ولكن ... ولكنها هي ...
أما هي فما في يدي شيء من خبرها إلا ما حدثني به الرافعي أو حدثتني رسائله، فما أتحدث عن حبها إلا راوية يكتب ما يسمع لا ما يشهد، أو محققا يضع كلمة إلى كلمة، ويزاوج بين رسالة ورسالة، ليخرج منهما معنى ليس في يده من حقيقته شيء إلا ما يهديه الفكر وصواب الرأي وملابسات الحادثة.
Halaman tidak diketahui