2 أبو ذر
وأبو ذر أعظم شخصية عرفها التأريخ الاسلامى فقد تجسدت فيه جميع طاقات الاسلام ، وعناصره ومقوماته ، ووعى حقيقة الاسلام ، وتغذى بجوهره وواقعه ، وهو اقدم من سبق الى اعتناقه والايمان به (1) وجهر بالشهادتين أمام قريش فانبرت إليه عتاتهم فأوجعوه ضربا ، والهبوا جسمه بالسياط حتى كاد أن يتلف (2) ولم يثنه ذلك فقد انطلق كالمارد الجبار يدعو قومه الى الاسلام ، وهجر الاوثان ، وكان من ابرز الصحابة في علمه وورعه وتقواه وزهده وتحرجه في الدين ، وقد أثر عن رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم أنه قال فيه :
« ما أظلت الخضراء ، ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة اصدق من أبي ذر ، من سره أن ينظر الى زهد عيسى بن مريم فلينظر الى ابي ذر .. » (3)
لقد كان ازهد الناس فى الدنيا ، وأقلهم احتفالا بمنافعها ، وأشدهم خوفا من الله وانصرافا عن اباطيل الحياة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم يأتمنه حين لا يأتمن أحدا ، ويسر إليه حين لا يسر الى احد (4) وهو أحد الثلاثة الذي أحبهم الله ، وامر نبيه بحبهم (5) كما انه احد
Halaman 255