31

Hashiyat Ibn Abidin

حاشية ابن عابدين

Penerbit

شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

1386 AH

Lokasi Penerbit

مصر

Genre-genre

Fiqh Hanafi
وَيَعْرِفَ مَوْضُوعَهُ وَغَايَتَهُ وَاسْتِمْدَادَهُ. فَالْفِقْهُ لُغَةً: الْعِلْمُ بِالشَّيْءِ ثُمَّ خُصَّ بِعِلْمِ الشَّرِيعَةِ، وَفَقِهَ بِالْكَسْرِ فِقْهًا عَلِمَ، وَفَقُهَ بِالضَّمِّ فَقَاهَةً صَارَ فَقِيهًا. وَاصْطِلَاحًا: عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْفَرْعِيَّةِ الْمُكْتَسَبُ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ ــ [رد المحتار] الشَّمْسِيَّةِ أَنَّ أَرْبَابَ الْعَرَبِيَّةِ وَالْأُصُولِ يَسْتَعْمِلُونَ الْحَدَّ بِمَعْنَى الْمُعَرِّفِ، وَأَنَّ اللَّفْظَ إذَا وُضِعَ فِي اللُّغَةِ أَوْ الِاصْطِلَاحِ لِمَفْهُومٍ مُرَكَّبٍ، فَمَا كَانَ دَاخِلًا فِيهِ كَانَ ذَاتِيًّا لَهُ. وَمَا كَانَ خَارِجًا عَنْهُ كَانَ عَرَضِيًّا لَهُ، فَحُدُودُ هَذِهِ الْمَفْهُومَاتِ وَرُسُومُهَا تُسَمَّى حُدُودًا وَرُسُومًا بِحَسَبِ الِاسْمِ، بِخِلَافِ الْحَقَائِقِ فَإِنَّ حُدُودَهَا وَرُسُومَهَا بِحَسَبِ الْحَقِيقَةِ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ حَدَّ الْفِقْهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلُومِ حَدٌّ اسْمِيٌّ لِتَبْيِينِ مَا تَعَقَّلَهُ الْوَاضِعُ وَوَضَعَ الِاسْمَ بِإِزَائِهِ فَلِذَا جَعَلُوهُ مُقَدِّمَةً لِلشُّرُوعِ. وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ كَوْنَهُ حَدًّا حَقِيقِيًّا، وَعَلَيْهِ فَقِيلَ لَا يَكُونُ مُقَدِّمَةً؛ لِأَنَّ الْحَدَّ الْحَقِيقِيَّ بِسَرْدِ الْعَقْلِ كُلُّ الْمَسَائِلِ: أَيْ بِتَصَوُّرِ جَمِيعِ مَسَائِلِ الْعِلْمِ الْمَحْدُودِ وَذَلِكَ هُوَ مَعْرِفَةُ الْعِلْمِ نَفْسِهِ لَا مُقَدِّمَةِ الشُّرُوعِ فِيهِ، وَقِيلَ يَجُوزُ أَخْذُ جِنْسٍ وَفَصْلٍ لَهُ بِلَا حَاجَةٍ إلَى سَرْدِ الْكُلِّ فَلَا مَانِعَ مِنْ وُقُوعِهِ مُقَدِّمَةً، وَجَعَلَ فِي التَّحْرِيرِ الْخِلَافَ لَفْظِيًّا وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِيهِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَيَعْرِفَ مَوْضُوعَهُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَبَادِئَ كُلِّ عِلْمٍ عَشَرَةٌ نَظَمَهَا ابْنُ ذِكْرِيٍّ فِي تَحْصِيلِ الْمَقَاصِدِ فَقَالَ: فَأَوَّلُ الْأَبْوَابِ فِي الْمَبَادِي ... وَتِلْكَ عَشْرَةٌ عَلَى الْمُرَادِ الْحَدُّ وَالْمَوْضُوعُ ثُمَّ الْوَاضِعُ ... وَالِاسْمُ وَاسْتِمْدَادُ حُكْمِ الشَّارِعِ تَصَوُّرُ الْمَسَائِلِ الْفَضِيلَةُ ... وَنِسْبَةٌ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ بَيَّنَ الشَّارِحُ مِنْهَا أَرْبَعَةً وَبَقِيَ سِتَّةٌ. فَوَاضِعُهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاسْمُهُ الْفِقْهُ. وَحُكْمُ الشَّارِعِ فِيهِ وُجُوبُ تَحْصِيلِ الْمُكَلَّفِ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ. وَمَسَائِلُهُ كُلُّ جُمْلَةٍ مَوْضُوعُهَا فِعْلُ الْمُكَلَّفِ. وَمَحْمُولُهَا أَحَدُ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ، نَحْوُ هَذَا الْفِعْلُ وَاجِبٌ. وَفَضِيلَتُهُ كَوْنُهُ أَفْضَلَ الْعُلُومِ سِوَى الْكَلَامِ وَالتَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ. وَنِسْبَتُهُ لِصَلَاحِ الظَّاهِرِ كَنِسْبَةِ الْعَقَائِدِ وَالتَّصَوُّفِ لِصَلَاحِ الْبَاطِنِ أَفَادَهُ ح. (قَوْلُهُ: ثُمَّ خُصَّ بِعِلْمِ الشَّرِيعَةِ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ ضِيَاءِ الْحُلُومِ. (قَوْلُهُ: وَفَقِهَ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ كَلَامٍ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفِقْهَ اللُّغَوِيَّ مَكْسُورُ الْقَافِ فِي الْمَاضِي وَالِاصْطِلَاحِيَّ مَضْمُومُهَا فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْكَرْمَانِيُّ. وَنَقَلَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُقَالُ فَقِهَ بِكَسْرِ الْقَافِ. إذَا فَهِمَ، وَبِفَتْحِهَا: إذَا سَبَقَ غَيْرَهُ إلَى الْفَهْمِ، وَبِضَمِّهَا: إذَا صَارَ الْفِقْهُ لَهُ سَجِيَّةً. (قَوْلُهُ: اصْطِلَاحًا) الِاصْطِلَاحُ لُغَةً الِاتِّفَاقُ. وَاصْطِلَاحًا اتِّفَاقُ طَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ عَلَى إخْرَاجِ الشَّيْءِ عَنْ مَعْنَاهُ إلَى مَعْنًى آخَرَ رَمْلِيٌّ. (قَوْلُهُ: الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُحَقِّقَ ابْنَ الْهُمَامِ أَبْدَلَ الْعِلْمَ بِالتَّصْدِيقِ وَهُوَ الْإِدْرَاكُ الْقَطْعِيُّ، سَوَاءٌ كَانَ ضَرُورِيًّا أَوْ نَظَرِيًّا صَوَابًا أَوْ خَطَأً بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفِقْهَ كُلَّهُ قَطْعِيٌّ. فَالظَّنُّ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَكَذَا الْأَحْكَامُ الْمَظْنُونَةُ لَيْسَا مِنْ الْفِقْهِ، وَبَعْضُهُمْ خَصَّهُ بِالظَّنِّيَّةِ، فَيَخْرُجُ عَنْهُ مَا عُلِمَ ثُبُوتُهُ قَطْعًا. وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ شَامِلًا لِلْقَطْعِيِّ وَالظَّنِّيِّ. وَقَدْ نَصَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّهُ الْحَقُّ وَعَلَيْهِ عَمَلُ السَّلَفِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ. فَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُنَا الْإِدْرَاكُ الصَّادِقُ عَلَى الْيَقِينِ وَالظَّنِّ كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُ الْمَنْطِقِيِّ. وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْمُقَابِلُ لِلظَّنِّ كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُ الْأُصُولِيِّ. قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فِي التَّوْضِيحِ: وَمَا قِيلَ إنَّ الْفِقْهَ ظَنِّيٌّ فَلِمَ أُطْلِقَ الْعِلْمُ عَلَيْهِ؟ فَجَوَابُهُ أَوَّلًا أَنَّهُ مَقْطُوعٌ بِهِ، فَإِنَّ الْجُمْلَةَ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّهَا فِقْهٌ وَهِيَ مَا قَدْ ظَهَرَ نُزُولُ الْوَحْيِ بِهِ وَمَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ قَطْعِيَّةٌ.

1 / 36