حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني

Ali al-Sa'idi al-Adawi d. 1189 AH
57

حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني

حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني

Penyiasat

يوسف الشيخ محمد البقاعي

Penerbit

دار الفكر

Nombor Edisi

الأولى

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Fiqh Maliki
عِلْمٍ لَا قُرْبُ مَسَافَةٍ فَهُوَ مَثَلٌ فِي فَرْطِ الْقُرْبِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا كَانَ مُطَّلِعًا عَلَى مَعْلُومَاتِ الْعِبَادِ وَسَرَائِرِهِمْ وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فَكَأَنَّ ذَاتَهُ تَعَالَى قَرِيبَةٌ مِنْهُ، وَالْحَبْلُ الْعِرْقُ شُبِّهَ بِالْحَبْلِ اسْتِعَارَةً مِنْ حَيْثُ اشْتَدَّ اللَّحْمُ بِهِ وَارْتَبَطَ، وَالْوَرِيدُ عِرْقٌ بِبَاطِنِ الْعُنُقِ. (وَ) مِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ (مَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ) مِنْ زَائِدَةٍ أَيْ وَمَا تَسْقُطُ وَرَقَةٌ مِنْ أَيِّ وَرَقَةٍ كَانَتْ فِي جَمِيعِ أَقْطَارِ الْأَرْضِ (إلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى لَفْظِ وَرَقَةٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا ــ [حاشية العدوي] بِالْقُرْبِ] الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ الْمُرَادُ بِالْأَقْرَبِيَّةِ هُنَا، أَيْ فِي جَانِبِ الْمَوْلَى قُرْبُ عِلْمٍ، أَيْ قُرْبٌ مِنْ حَيْثُ الْعِلْمُ، لَا أَنَّ الْعِلْمَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّهُ صِفَةُ ذَاتٍ لَا تُفَارِقُ الذَّاتَ. [قَوْلُهُ: فَهُوَ مِثْلٌ. . . إلَخْ] الْمُنَاسِبُ أَوْ هُوَ مِثْلُ إشَارَةٍ إلَى وَجْهٍ ثَانٍ، وَهُوَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاسْتِعَارَةِ التَّمْثِيلِيَّةِ شَبَّهَ حَالَ اللَّهِ مَعَ عَبْدِهِ مِنْ حَيْثُ اطِّلَاعِهِ عَلَى سَرَائِرِهِ، وَمَا يُخْفِيهِ بِحَالِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ قُرْبًا حِسِّيًّا فَرْضًا وَاسْتُعِيرَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ، فَقَوْلُهُ فَهُوَ مِثْلٌ أَيْ اسْتِعَارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ وَقَوْلُهُ فِي فَرْطِ الْقُرْبِ، أَيْ مِنْ حَيْثُ شِدَّةُ الْقُرْبِ. [قَوْلُهُ: وَسَرَائِرِهِمْ] جَمْعُ سَرِيرَةٍ أَيْ مَا يُسِرُّهُ فِي الْقَلْبِ وَعَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. [قَوْلُهُ: وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ] لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ [قَوْلُهُ: فَكَأَنَّ ذَاتَه تَعَالَى قَرِيبَةٌ] أَيْ فَالْأَقْرَبِيَّةُ، بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ تَقْدِيرًا وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ التَّنَافِي لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْقُرْبَ مِنْ حَيْثُ الْعِلْمُ، فَلِهَذَا قُلْنَا إنَّ هَذَا وَجْهٌ ثَانٍ لَا أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْأَوَّلِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ. [قَوْلُهُ: وَالْحَبْلُ الْعِرْقُ] أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَبْلِ الْعِرْقُ أَوْ الْمُرَادُ مِنْ لَفْظِ الْحَبْلِ الْعِرْقُ، وَقَوْلُهُ شَبَّهَ أَيْ الْعِرْقَ بِالْحَبْلِ، أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ، فَالْحَبْلُ الثَّانِي غَيْرُ الْحَبْلِ الْأَوَّلِ، هَذَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي فَالْمَعْنَى وَالْمُرَادُ مِنْ لَفْظِ الْحَبْلِ: الْعِرْقُ، وَقَوْلُهُ شُبِّهَ بِالْحَبْلِ، أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى لِلَفْظِ الْحَبْلِ. [قَوْلُهُ: اسْتِعَارَةً] أَيْ لِأَجْلِ اسْتِعَارَةِ اسْمِ الْحَبْلِ لِلْعِرْقِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ إضَافَةِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ [قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ] مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ شَبَّهَ، أَيْ شَبَّهَ مِنْ أَجْلِ اشْتِدَادِ اللَّحْمِ بِهِ، وَارْتِبَاطِ بِهِ بِالْحَبْلِ بِجَامِعِ مُطْلَقِ الِارْتِبَاطِ، وَقَوْلُهُ وَارْتَبَطَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ. [قَوْلُهُ: وَالْوَرِيدُ عِرْقٌ بِبَاطِنِ الْعُنُقِ] فِي الْمِصْبَاحِ وَالْوَرِيدُ عِرْقٌ قِيلَ هُوَ الْوَدَجُ وَقِيلَ بِجَنْبِهِ اهـ. فَعَلَى أَنَّهُ الْوَدَجُ يَكُونُ لِكُلِّ إنْسَانٍ وَرِيدَانِ، وَحَيْثُ كَانَ الْحَبْلُ اسْتِعَارَةً لِلْعِرْقِ وَالْوَرِيدُ عِرْقٌ مَخْصُوصٌ، كَانَتْ إضَافَةُ حَبْلٍ إلَى الْوَرِيدِ مِنْ إضَافَةِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ، فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَوْ مِنْ إضَافَةِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ، فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ وَسُمِّيَ وَرِيدًا كَمَا قَالَ بَعْضٌ؛ لِأَنَّ الرُّوحَ تَرِدُهُ، وَخَصَّهُ؛ لِأَنَّ بِهِ حَيَاتَهُ وَهُوَ بِحَيْثُ يُشَاهِدُهُ كُلُّ أَحَدٍ. [قَوْلُهُ: مِنْ زَائِدَةٌ] أَيْ لِتَأْكِيدِ الْعُمُومِ، [قَوْلُهُ: أَيْ وَمَا تَسْقُطُ وَرَقَةٌ] حَمَلَ الْوَرَقَةَ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَقِيلَ الْمُرَادُ، أَيْ سَاقِطَةٌ كَانَتْ وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: مِنْ أَيِّ وَرَقَةٍ] الْأَوْلَى حَذْفُ مِنْ [قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ أَقْطَارِ الْأَرْضِ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْقُطْرُ بِالضَّمِّ، الْجَانِبُ وَالنَّاحِيَةُ وَالْجَمْعُ أَقْطَارٌ مِثْلُ قُفْلٍ وَأَقْفَالٌ اهـ. [قَوْلُهُ: إلَّا يَعْلَمُهَا] حَالٌ مِنْ وَرَقَةٍ، وَجَاءَتْ الْحَالُ مِنْ النَّكِرَةِ لِاعْتِمَادِهَا عَلَى النَّفْيِ وَالتَّقْدِيرِ مَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلَّا فِي حَالِ كَوْنِهِ عَالِمًا هُوَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُهَا بِإِرَادَتِهِ. [قَوْلُهُ: فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ] أَيْ بُطُونِهَا، [قَوْلُهُ: بِالْجَرِّ] وَقُرِئَ بِالرَّفْعِ، [قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ] أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحَبَّةِ وَاحِدَةَ، الْحَبِّ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْقَامُوسُ بِقَوْلِهِ الْحَبَّةُ وَاحِدَةُ الْحَبِّ الْجَمْعُ حَبَّاتٌ وَحُبُوبٌ اهـ. بَلْ الْمُرَادُ أَقَلُّ قَلِيلٍ أَيْ مَا يَشْمَلُ أَقَلَّ قَلِيلٍ لِأَجْلِ شُمُولِهِ الْحَبَّةَ الْمَعْرُوفَةَ وَغَيْرَهَا وَإِنْ لَمْ نَقُلْ ذَلِكَ لَفَاتَهُ الْكَلَامُ عَلَى الْحَبَّةِ، وَلَا يُقَالُ تُفْهَمُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّا نَقُولُ وَالْوَرَقَةُ كَذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ مَجَازِيٌّ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ؛ لِأَنَّ الْحَبَّةَ اسْمٌ لِشَيْءٍ ثَبَتَ لَهُ الْقِلَّةُ فَأَطْلَقَهَا وَأَرَادَ بِهَا مُطْلَقَ ذَاتٍ اتَّصَفَتْ بِالْقِلَّةِ، وَالْعَطْفُ مُغَايِرٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ ذَاتٌ ثَبَتَتْ لَهَا الْقِلَّةُ أَدَقُّ مِنْ الْوَرَقَةِ، وَذَكَرَ الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ قَوْلَيْنِ، أَحَدَهُمَا أَنَّهَا مِنْ هَذَا الْحَبِّ الْمَعْرُوفِ

1 / 59