حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني

Ali al-Sa'idi al-Adawi d. 1189 AH
55

حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني

حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني

Penyiasat

يوسف الشيخ محمد البقاعي

Penerbit

دار الفكر

Nombor Edisi

الأولى

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Fiqh Maliki
هُنَا مَخْلُوقٌ عَظِيمٌ وَهُوَ مِنْ جَوْهَرَةٍ خَضْرَاءَ فَوْقَ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَهُوَ أَوَّلُ الْمَخْلُوقَاتِ عَلَى الْأَصَحِّ لَهُ أَلْفُ أَلْفُ رَأْسٍ فِي كُلِّ رَأْسٍ أَلْفُ أَلْفِ وَجْهٍ وَسِتُّمِائَةِ أَلْفِ وَجْهٍ، وَالْوَجْهُ الْوَاحِدُ كَطِبَاقِ الدُّنْيَا أَلْفُ أَلْفِ مَرَّةٍ وَسِتُّمِائَةِ أَلْفِ مَرَّةٍ، فِي الْوَجْهِ الْوَاحِدِ أَلْفُ أَلْفِ لِسَانٍ وَسِتُّمِائَةِ أَلْفِ لِسَانٍ كُلُّ لِسَانٍ يُسَبِّحُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَلْفِ أَلْفِ لُغَةٍ، يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى بِكُلِّ لُغَةٍ مِنْ لُغَاتِهِ خَلْقًا فِي مَلَكُوتِهِ يُسَبِّحُونَهُ وَيُقَدِّسُونَهُ بِتِلْكَ اللُّغَاتِ، دَلَّ عَلَى وُجُودِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ، وَالْمَجِيدُ، يُقَالُ بِالْخَفْضِ صِفَةٌ لِلْعَرْشِ وَبِالرَّفْعِ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ وَهُوَ الْمَجِيدُ، أَيْ الْعَظِيمُ فِي ذَاتِهِ، وَذَاتُ الشَّيْءِ حَقِيقَتُهُ، وَالضَّمِيرُ فِي بِذَاتِهِ يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْعَرْشِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي كَقَوْلِك: أَقَمْت بِمَكَّةَ أَيْ فِيهَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: الْعَرْشُ الْمَجِيدُ أَيْ الْعَظِيمُ فِي ذَاتِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الْفَوْقِيَّةَ الْمَعْنَوِيَّةَ لَهُ تَعَالَى بِالذَّاتِ لَا بِالْغَيْرِ مِنْ كَثْرَةِ أَمْوَالٍ وَفَخَامَةِ أَجْنَادٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (وَ) مِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ (هُوَ) أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى (فِي كُلِّ مَكَانٍ بِعِلْمِهِ) أُخِذَ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي اسْتِعْمَالِ هَذَا اللَّفْظِ مِنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ الْجِهَةُ وَهُوَ ﷾ مُنَزَّهٌ عَنْ الْمَكَانِ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ عِلْمَهُ مُتَجَزِّئٌ مُفَارِقٌ لِذَاتِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ ــ [حاشية العدوي] بِمَقْصُودٍ. [قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ] الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ اسْمٌ أَنْ يَقُولَ وَالْمُرَادُ مِنْهُ، أَيْ مِنْ ذَلِكَ الِاسْمِ الَّذِي هُوَ اللَّفْظُ، إذْ مَا قَالَهُ إنَّمَا يُنَاسِبُ مَا قُلْنَاهُ سَابِقًا مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَالْعَرْشُ مَا عَلَا وَيَجِبُ بِأَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مِنْ [قَوْلُهُ: مِنْ جَوْهَرَةٍ خَضْرَاءَ] اعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ خِلَافَهُ، وَهُوَ أَنْ لَا قَطْعَ لَنَا بِحَقِيقَتِهِ، ثُمَّ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَنْ ابْتِدَائِيَّةً، أَيْ نَاشِئًا مِنْ جَوْهَرَةٍ أَيْ فَكَانَ أَوَّلًا جَوْهَرَةً خَضْرَاءَ، ثُمَّ صَوَّرَهُ الْمَوْلَى ﷿ عَرْشًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلْبَيَانِ أَيْ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ جَوْهَرَةً خَضْرَاءَ. [قَوْلُهُ: فَوْقَ السَّمَوَاتِ] أَيْ وَفَوْقَ الْكُرْسِيِّ مُلْتَصِقٌ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ، [قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوَّلُ الْمَخْلُوقَاتِ عَلَى الْأَصَحِّ] ضَعِيفٌ بَلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ، أَنَّ أَوَّلَهَا نُورُهُ ﷺ ثُمَّ الْمَاءُ ثُمَّ الْعَرْشُ ثُمَّ الْقَلَمُ. [قَوْلُهُ: كَطِبَاقٍ إلَخْ] طِبَاقٌ يَأْتِي مَصْدَرًا وَجَمْعًا لِطَبَقٍ الَّذِي هُوَ مِنْ أَمْتِعَةِ الْبَيْتِ، كَجَبَلٍ وَجِبَالٍ، وَطَبَقَةٌ أَيْ الَّتِي هِيَ الْمَوْضِعُ الْمَعْرُوفُ كَرَحَبَةٍ وَرِحَابٍ، وَالدُّنْيَا مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْمَعْنَى الْأَخِيرَ، وَهُوَ جَمْعُ طَبَقَةٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّهَا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ طَبَقَةٌ وَاحِدَةٌ، فَلَعَلَّ جَعْلَهَا طِبَاقًا مَجَازٌ؛ لِأَنَّهَا مَا كَانَتْ مُتَّسِعَةً كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الطِّبَاقِ أَوْ جَعَلَهَا طِبَاقًا بِاعْتِبَارِ أَرْكَانِهَا وَلَمْ أَطَّلِعْ عَلَى نَصٍّ فِي ذَلِكَ إنَّمَا ذَلِكَ ظَهَرَ لِي. [قَوْلُهُ: بِأَلْفِ أَلْفِ لُغَةٍ] أَيْ لَفْظَةٍ مُغَايِرَةٍ لِأُخْتِهَا دَالَّةٍ عَلَى التَّنْزِيهِ، [قَوْلُهُ: بِكُلِّ لُغَةٍ مِنْ لُغَاتِهِ] أَيْ بِسَبَبِ كُلِّ لُغَةٍ أَوْ أَنَّ الْبَاءَ، بِمَعْنَى مِنْ أَيْ خَلْقًا نَاشِئًا مِنْ كُلِّ لُغَةٍ. [قَوْلُهُ: فِي مَلَكُوتِهِ] وَهُوَ مَا كَانَ غَيْرَ ظَاهِرٍ لَنَا كَمَا فِي بَاطِنِ السَّمَوَاتِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَخْلُوقُونَ مَلَائِكَةً. [قَوْلُهُ: وَيُقَدِّسُونَهُ] مُرَادِفٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ، وَالْمَقْصُودُ يُنَزِّهُونَهُ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِهِ، [قَوْلُهُ: الْكِتَابُ] قَالَ تَعَالَى ﴿ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ﴾ [البروج: ١٥] [قَوْلُهُ: وَالسُّنَّةُ] قَالَ ﷺ «قَدَّرَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلْقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفِ سَنَةٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» . [قَوْلُهُ: أَيْ الْعَظِيمِ فِي ذَاتِهِ] أَيْ أَنَّ ذَاتَهُ عَظِيمَةٌ، مِنْ حَيْثُ إنَّهَا جُعِلَتْ ظَرْفًا لِلْعِظَمِ أَيْ مَوْصُوفَةً بِهِ [قَوْلُهُ: أَنَّ هَذِهِ الْفَوْقِيَّةَ الْمَعْنَوِيَّةَ بِالذَّاتِ] أَيْ بِسَبَبِ الذَّاتِ. [قَوْلُهُ: وَفَخَامَةِ أَجْنَادٍ] أَيْ وَعِظَمِ أَجْنَادٍ، كَمًّا أَوْ كَيْفًا وَأَجْنَادُ جَمْعُ جُنْدٍ، وَالْجُنْدُ الْأَنْصَارُ وَالْأَعْوَانُ وَكَذَا يُجْمَعُ عَلَى جُنُودٍ، فَلَهُ جَمْعَانِ وَوَاحِدُ جُنْدٍ جُنْدِيٌّ، فَأَجْنَادٌ فِي مَعْنَى جَمْعِ الْجَمْعِ لَهُ، كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ الْمِصْبَاحُ. [قَوْلُهُ: وَغَيْرِ ذَلِكَ] أَيْ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ كَالسَّيْفِ وَالرُّمْحِ وَنَحْوِهِمَا، [قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ الْجِهَةُ] الْمُنَاسِبُ: أَنْ يَقُولَ الْمَكَانُ الَّذِي قَدْ صَرَّحَ بِهِ، بِقَوْلِهِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ مُنَزَّهٌ عَنْ الْمَكَانِ. [قَوْلُهُ: مُتَجَزِّئٌ] أَيْ ذُو أَجْزَاءٍ مُفَارِقٌ لِذَاتِهِ أَيْ أَنَّهُ يُفِيدُ مَعْنَيَيْنِ غَيْرَ لَائِقِينَ: التَّجْزِئَةُ وَالْمُفَارَقَةُ، هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إذْ غَايَةُ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ حَالٌّ فِي أَمْكِنَةٍ

1 / 57