Haashiyat al-Dusuqi 'ala al-Sharh al-Kabir

Ibn Ahmad Dasuqi d. 1230 AH
11

Haashiyat al-Dusuqi 'ala al-Sharh al-Kabir

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

Penerbit

دار الفكر

Nombor Edisi

الأولى

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Fiqh Maliki
هُوَ لُغَةً الْحَمْدُ عُرْفًا، وَاصْطِلَاحًا صَرْفُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ عَقْلٍ وَغَيْرِهِ إلَى مَا خُلِقَ لِأَجْلِهِ (لَهُ) تَعَالَى (عَلَى مَا أَوْلَانَا) أَيْ أَعْطَانَا إيَّاهُ (مِنْ الْفَضْلِ وَالْكَرَمِ) بَيَانٌ (لِمَا) وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالْمُرَادُ بِهِمَا النِّعَمُ الْوَاصِلَةُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ إخْوَانِهِ الْعُلَمَاءِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً إذْ الْكَرَمُ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى إعْطَاءِ مَا يَنْبَغِي لَا لِغَرَضٍ وَلَا لِعِوَضٍ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الشَّيْءِ الْمُعْطَى مَجَازًا وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ حَمْدًا يُوَافِي إلَخْ يُوهِمُ أَنَّهُ أَحْصَى الثَّنَاءَ عَلَيْهِ تَعَالَى تَفْصِيلًا دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ (لَا أُحْصِي) أَيْ لَا أَعُدُّ (ثَنَاءً) هُوَ الْوَصْفُ بِالْجَمِيلِ (عَلَيْهِ. هُوَ) تَعَالَى أَيْ لَا قُدْرَةَ لِي عَلَى عَدِّ ذَلِكَ تَفْصِيلًا لِأَنَّ نِعَمَهُ تَعَالَى لَا تُحْصَى ــ [حاشية الدسوقي] نَظَرًا لِصُورَتِهَا (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً الْحَمْدُ عُرْفًا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالشُّكْرُ لُغَةً فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ بِسَبَبِ كَوْنِهِ مُنْعِمًا عَلَى الشَّاكِرِ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ قَوْلًا بِاللِّسَانِ أَوْ اعْتِقَادًا بِالْجِنَانِ أَوْ عَمَلًا بِالْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ: صَرْفُ الْعَبْدِ إلَخْ) الْمُرَاد بِصَرْفِ تِلْكَ النِّعَمِ فِيمَا خُلِقَتْ لِأَجْلِهِ أَنْ لَا يَصْرِفَهَا أَصْلًا فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ اسْتِعْمَالَهَا دَائِمًا وَأَبَدًا فِيمَا خُلِقَتْ لِأَجْلِهِ وَإِلَّا لَخَرَجَ مِثْلُ الْأَنْبِيَاءِ إذْ كَانُوا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ يَشْتَغِلُونَ بِنَوْمٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ جِمَاعٍ أَوْ حَدِيثٍ مَعَ النَّاسِ مَعَ أَنَّهُمْ قَطْعًا شَاكِرُونَ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) أَيْ الْقُوَى الْخَمْسِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَاللَّمْسِ وَالْأَعْضَاءِ كَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ (قَوْلُهُ: إيَّاهُ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ الْمَفْعُولَ الثَّانِيَ لِأَوْلَى، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ نَا فِي أَوْلَانَا (قَوْلُهُ: النِّعَمُ الْوَاصِلَةُ لَهُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ النِّعَمُ مِمَّا بِهِ كَمَالُ الذَّاتِ مِنْ ذُكُورَةٍ وَسَلَامَةِ أَعْضَاءٍ وَصِحَّةِ بَدَنٍ أَوْ كَانَتْ مِمَّا بِهِ كَمَالُ الصِّفَاتِ مِنْ الْإِيمَانِ وَتَوَابِعِهِ مِنْ الْمَعَارِفِ وَالطَّاعَاتِ (قَوْلُهُ: إذْ الْكَرَمُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَالْمُرَادُ بِهِمَا النِّعَمُ الْوَاصِلَةُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُوهِمُ) أَيْ يُوقِعُ فِي وَهْمِ السَّامِعِ وَفِي ذِهْنِهِ، وَقَوْلُهُ: إنَّهُ أَحْصَى أَيْ ضَبَطَ وَعَدَّ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ تَفْصِيلًا أَيْ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى؛ لِأَنَّ نِعَمَهُ تَعَالَى لَا تُحْصَى فَلَا يَتَأَتَّى إحْصَاءُ الثَّنَاءِ عَلَيْهَا تَفْصِيلًا (قَوْلُهُ: دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ لَا أُحْصِي إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: أَنَا وَإِنْ أَشَرْت فِي حَمْدِي إلَى أَنَّهُ مُحْصًى مُتَنَاهٍ فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّسَاهُلِ إذْ لَيْسَ فِي قُدْرَتِي أَنْ أَعُدَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْمَوْلَى مِنْ الثَّنَاءِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا قُدْرَةَ لِي عَلَى عَدِّ ذَلِكَ تَفْصِيلًا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى سَلْبِ الْعُمُوم أَيْ لَا أَقْدِرُ عَلَى عَدِّ الثَّنَاءَاتِ عَلَيْهِ تَفْصِيلًا، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ مِنْ قَبِيلِ عُمُومِ السَّلْبِ فَاللَّفْظُ لَمْ يُطَابِقْ الْمُرَادَ مِنْهُ بَلْ يُضَادُّهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَأْنَ النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ

1 / 12