Hashiyat al-‘Attar ‘ala Jam‘ al-Jawami‘
حاشية العطار على جمع الجوامع
Penerbit
دار الكتب العلمية
Nombor Edisi
بدون طبعة وبدون تاريخ
Genre-genre
Usul Fiqh
مُدَّةَ قِيَامِ كُتُبِ الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ قِيَامَ بَيَاضِهَا وَسَوَادِهَا اللَّازِمَيْنِ لَهَا وَقِيَامُهَا بِقِيَامِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِأَخْذِهِمْ إيَّاهُ مِنْهَا كَمَا عُهِدَ وَقِيَامُهُمْ إلَى السَّاعَةِ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ بِطُرُقٍ «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ أَيْ السَّاعَةُ» كَمَا صَرَّحَ بِهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ أَيْ لِابْتِدَاءِ الْحَدِيثِ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ بِقَوْلِهِ «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» وَأَبَّدَ الصَّلَاةِ بِقِيَامِ كُتُبِ الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ
ــ
[حاشية العطار]
السُّطُورَ الَّتِي هِيَ سَوَادُهُ وَقَدْ شَبَّهَ الْأَلْفَاظَ لِدَلَالَتِهَا عَلَى الْمُعَانَى بِالْهُدَاةِ إلَى السَّبِيلِ.
وَلَمَّا كَانَتْ الْهِدَايَةُ مَدَارُهَا عَلَى الْعَيْنِ إذْ لَا بُدَّ أَنْ يَهْتَدِيَ أَوَّلًا حَتَّى يَهْدِيَ غَيْرَهُ وَالْأَعْمَى لَا اهْتِدَاءَ لَهُ فَكَيْفَ يَهْدِي غَيْرَهُ وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يُبْصِرَ الْمُنْحَرِفَ عَنْ الطَّرِيقِ حَتَّى يَهْدِيَهُ إلَيْهِ أَثْبَتَ لَهُ الْعُيُونَ عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيلِ وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى ﴿وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً﴾ [الإسراء: ٥٩] أَيْ آيَةً مُبْصِرَةً وَلَمَّا كَانَتْ هِدَايَةُ الْأَلْفَاظِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِبَقَائِهَا فِي الْمُصْحَفِ صَارَ كَأَنَّهَا إذَا كَانَتْ ثَمُودُ فِيهَا فَهِيَ ذَوَاتُ عُيُونٍ لَهَا سَوَادٌ هِيَ السُّطُورُ وَالْبَيَاضُ هِيَ الطُّرُوسُ بِمَعْنَى بَيَاضِ الْأَوْرَاقِ وَسَوَادِهَا وَهُمَا لَهَا قَائِمَانِ مَقَامَ بَيَاضِ الْعُيُونِ لِلْهُدَاةِ وَسَوَادِهَا لَهُمْ فَالْمَعْنَى مَا بَقِيَتْ الْأَلْفَاظُ الْهَادِيَةُ فِي الصُّحُفِ فَصَارَتْ كَالْهُدَاةِ ذَوَاتِ الْعُيُونِ وَصَارَ بَيَاضُ الْأَوْرَاقِ لَهَا كَبَيَاضِ عُيُونِ الْهُدَاةِ وَسَوَادُ السُّطُورِ كَسَوَادِ الْعُيُونِ وَهَذَا مَعْنًى لَطِيفٌ حَسَنٌ يُوَافِقُهُ اللَّفْظُ بِلَا تَكَلُّفٍ وَلَا يَخْفَى حُسْنُ مَا فِي الْكَلَامِ مِنْ الْمَكْنِيَّةِ وَالتَّخْيِيلِ وَالتَّرْشِيحِ فَتَبَصَّرْ.
(قَوْلُهُ: مُدَّةَ قِيَامِ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الَّذِي يَصْلُحُ مَظْرُوفًا مُؤَبَّدًا بِهَذِهِ الْمُدَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ صَلَاةُ الْبَارِي ﷾ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْ قَوْلِهِ نُصَلِّي لَكِنْ صَحَّ جَعْلُ صَلَاتِنَا مَظْرُوفَةً بِاعْتِبَارِ تَضَمُّنِهَا لِذَلِكَ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الِادِّعَاءِ وَالْمُبَالَغَةِ كَمَا فِي أَحْمَدُك حَمْدًا دَائِمًا اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ حَاصِلَ صَلَاتِنَا سُؤَالُ صَلَاةِ اللَّهِ ﷾ وَهَذَا السُّؤَالُ لَا يَدُومُ بِخِلَافِ الْمَسْئُولِ الَّذِي هُوَ صَلَاةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَإِنَّهُ يَدُومُ فَالتَّأْبِيدُ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ لَهُ اهـ. سَمِّ.
(قَوْلُهُ: كَمَا عُهِدَ) أَيْ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ الْعِلْمَ قَدْ يَكُونُ بِإِلْهَامٍ أَوْ مِنْ أَفْوَاهِ الْمَشَايِخِ (قَوْلُهُ: وَقِيَامُهُمْ إلَى السَّاعَةِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالسَّاعَةِ هُنَا الرِّيحُ اللَّيِّنَةُ؛ لِأَنَّهَا تَأْتِي قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ فَلَا يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ وَلَا مُؤْمِنَةٌ وَالسَّاعَةُ لَا تَقُومُ إلَّا عَلَى الْأَشْرَارِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْحَقِّ) خَبَرٌ ثَانٍ أَيْ ثَابِتِينَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ ظَاهِرِينَ خَبَرٌ أَوَّلٌ أَيْ غَالِبِينَ غَيْرَهُمْ لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ الْحَقِّ.
قَوْلُهُ «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» وَالْفُقَهَاءُ فِي الدِّينِ هُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ الْمَبْعُوثِ بِهِ النَّبِيُّ الْكَرِيمُ ﷺ لِشُمُولِهِمْ لِعُلَمَاءِ الْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ وَالْفِقْهِ وَتَخْصِيصُهُمْ بِالْأَخِيرِ عُرْفٌ طَارِئٌ.
(قَوْلُهُ: وَأَبَّدَ الصَّلَاةَ إلَخْ) تَوْجِيهٌ لِاخْتِيَارِ هَذَا التَّأْبِيدِ
1 / 28