والرديف له، أو للمحافظة على رؤوس الآي. والأظهر أنه غير مصروف، وإن حظر اختصاصه بالله تعالى أن يكون له مؤنث على فعلى أو فعلانة إلحاقا له بما هو الغالب في الرحمن الرحيم فكأنه قال: يا عبدي كما علمتني رحمانا فتطلب مني عظيم مهماتك فاعلم أيضا أني رحيم فاطلب مني دقائقها أيضا. وقد ورد في الأخبار أن الله تعالى قال لموسى عليه الصلاة والسلام: يا موسى سل حاجتك مني حتى ملح طعامك وشسع نعلك. قوله: (أو للمحافظة على رؤوس الآي) هذا مبني على كون البسملة آية من الفاتحة، والمراد برؤوس الآي أواخرها متصفة بهيئة مختصة وصيغة معينة وهي كون حرفها الأخير بعد الياء الساكنة مثل رب العالمين ويوم الدين ونستعين دون الحرف الأخير منها لأن الحرف الأخير في بعضها ميم وفي بعضها نون فلا توافق فيها. قوله: (والأظهر أنه غير مصروف) اختلف النحويون في شرط منع صرف فعلان إذا كان صفة، فمنهم من قال: إن شرطه وجود فعلى وقيل: انتفاء فعلانة، وهذا القول أولى لأن مقصود كل فريق من اشتراط ما شرطوه إفادة أن يكون فعلان غير قابل للتاء لتحقق مشابهته بمثل حمراء في ذلك أي في عدم قبول تاء التأنيث فإنهم اتفقوا على أن تأثير الألف والنون في منع الصرف مشابهتهما لألف التأنيث الممدودة في عدم قبول التاء، فظهر بذلك أن الشرط قصد انتفاء فعلانة. وأما وجود فعلى فإنما جعل شرطا لاستلزامه انتفاء فعلانة لأن كل ما يجيء منه فعلى فإن مؤنثه لا يجيء فعلانة في لغة العرب فن شرط في منع صرف فعلان انتفاء فعلانة لم يصرف رحمن لتحقق الشرط فيه، ومن شرط وجود فعلى صرفه لعدم مجيء فعلانة فينبغي أن يكون رحمن منصرفا وغير منصرف معا لانتفاء شرط منع صرفه على أحد القولين وهو وجود فعلى، وجوازه على القول الآخر وهو انتفاء فعلانة واعتبار الحكمين في كلمة واحدة غير معقول فوجب القول بأنه إما منصرف على التعيين أو غير منصرف. وقد اختار المصنف وصاحب الكشاف كونه غير منصرف وإن حظر أي منع اختصاصه به تعالى أن يكون له مؤنث على فعلى أو فعلانة حتى يقال امتنع صرفه لأنه وجد شرط منع صرفه على مذهب وانتفى على آخر فتعارضا وتساقطا، فوجب أن يصار في تعيين حكمه إلى طريق آخر وهو إلحاقه بما هو الأغلب في بابه وهو فعلان صفة فإن الأغلب فيه منع الصرف كما في عطشان وغرثان وسكران، فإن الأصل عند اشتباه حكم كلمة إلحاقها بالأعم الأغلب في بابها كما في لفظ رحمن فإنه لا سبيل لنا إلى أن نقول إنه غير منصرف لوجود شرطه وهو انتفاء فعلانة لأن عندنا ما يعارضه ويقتضي انصرافه وهو انتفاء شرط منع صرفه الذي هو وجود فعلى فلما حظر اختصاص هذا اللفظ بالله تعالى أن يكون له مؤنث على فعلى أو فعلانة وجب حمله على ما هو الأكثر في منع بابه لأن إلحاق الفرد بالأعم الأغلب أولى عند الاشتباه في حكمه فحكمه منع صرفه بقياسه على نحو
Halaman 59