395

Hasyiyah 'Ala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Genre-genre

وزعمتم أنها تشهد لكم يوم القيامة أو الذين يشهدون لكم بين يدي الله على زعمكم، من قول الأعشى:

تريك القذى من دونها وهي دونه

ليعينوكم وفي أمرهم أن يستظهروا بالجماد في معارضة القرآن العزيز غاية التبكيت والتهكم بهم. وقيل: من دون الله أي من دون أوليائه يعني فصحاء العرب ووجوه المشاهد ليشهدوا لكم أن ما أتيتم به مثله فإن العاقل لا يرضى لنفسه أن يشهد بصحة ما اتضح فساده وبان اختلاله.

«دون» مستعملة بمعنى التجاوز على أنه ظرف مستقر وقع حالا والعامل فيها ما دل عليه شهداءكم أي الذين اتخذتموهم آلهة متجاوزين الله تعالى في اتخاذها كذلك وزعمتم أنها شهداؤكم وشفعاؤكم يوم القيامة، فكلمة «من» للابتداء فإن الاتخاذ مبتدأ من التجاوز. كذا في الحواشي الشريفية. وزيادة لفظي الاتخاذ والزعم فيهما لدفع وهم أن الأصنام كذلك في الواقع. واستشهد المصنف على كون «دون» الله بمعنى قدامه وبين يديه بقول الأعشى:

(تريك القذى من دونها وهي دونه) ... إذا ذاقها من ذاقها يتمطق

يصف الزجاجة بغاية الصفاء ويقول إنها في صفائها بحيث لو فرض أن يكون وراءها قذى تريك القذى قدامها والحال أنها قدام القذى. والضمير المنصوب في «ذاقها» للزجاجة على طريق ذكر المحل وإرادة الحال كما في قولهم: شربت كأسا ويقال: ذاق فتمطق أي ضم شفتيه وألصق لسانه بالحنك الأعلى مع صوت، وقيل: أي مص شفته من غاية لذة المذوق بحيث يسمع لها صوت. وقوله: «ليعينوكم» تعليل «لادعوا» المقدر قبل قوله: «الذين اتخذتموهم» مع ما عطف عليه وهو قوله أي الذين يشهدون لكم يعني أن الشهداء في هذين الوجهين وإن كانوا بمعنى القائمين بالشهادة إلا أن المقصود من دعائهم في إتيان ما يعارض به القرآن تصحيح الدعوى بشهادتهم.

قوله: (وقيل: من دون الله أي من دون أوليائه) بتقدير المضاف. هذا هو الوجه الثالث على تقدير تعلق من دون الله بقوله: «شهداءكم». ولم يرض به المصنف بناء على أن ارتكاب الحذف من غير ضرورة تدعو إليه غير لائق ببلاغة القرآن وقوله: «يعني فصحاء العرب» يريد أن المراد بالشهداء في هذا الوجه رؤساء المشركين وأشرافهم الذين لهم فصاحة بالغة ووجاهة عظيمة في المجالس والمحافل، والمشاهد جمع مشهد وهو موضع الحضور. فعلى هذا لا بد من تقدير المضاف في قوله: من دون الله أي من دون أولياء الله رعاية للمقابلة فإن قوله تعالى: من دون الله ذكر في مقابلة شهدائهم وأشرافهم الذين هم أولياء الأصنام

Halaman 401