387

Hasyiyah 'Ala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Genre-genre

أخذ من القرآن حظا تاما وفاز بطائفة محدودة مستقلة بنفسها فعظم ذلك عنه وابتهج به إلى غيرها من الفوائد.

من مثله صفة سورة أي بسورة كائنة من مثله والضمير لما نزلنا. ومن للتبعيض أو للتبيين وزائدة عند الأخفش، أي بسورة مماثلة للقرآن العظيم في البلاغة حذق السكين الشيء أي قطعه. قال الجوهري: يقال: حذق الصبي القرآن إذا مهر فيه.

قوله: (إلى غيرها من الفوائد) أي منضما إلى غير ذلك. ومن فوائد تقطيعه سورا ما يتصور في الكاتب من أمثال ما ذكر في القارىء والحافظ. ومنها أن تلك السور متخالفة المقادير كأنواع من جواهر نفيسة متفاوتة الأحجام وفي ذلك نوع زينة يخلو عنها ما ليس كذلك.

قوله: (صفة سورة) أي صلة متعلقة بمحذوف هو صفة سورة وأشار إليه بقوله : «أي بسورة كائنة من مثل ما نزلناه من القرآن» وبهذا ظهر كونه قسيما لقوله الآتي: «أو صلة فأتوا». قوله: (ومن للتبعيض) أي كائنة بعض مثل ما نزلناه في حسن النظم وغرابة البيان من حيث كون مقاصده مقتصرة على إيجاب الطاعات والنهي عن الفواحش والمنكرات والحث على مكارم الأخلاق والأعراض عن الدنيا الفانية، والإقبال على الآخرة الباقية ما فيها مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. قوله: (أو للتبيين) فالمعنى: فأتوا بسورة هي مثل ما نزلناه في حسن النظم وغرابة البيان. فالمصنف قد جوز كون كلمة «من» للتبعيض أو للتبيين على تقدير كون ضمير «مثله» راجعا لقوله: «ما نزلنا». والشريف المحقق لم يرض بكونها للتبعيض على ذلك التقدير حيث قال: وإن جعلت تبعيضية أوهم أن للمنزل مثلا عجزوا عن الإتيان ببعضه كأنه قيل: فأتوا ببعض ما هو مثل للمنزل فلا تكون المماثلة المصرح بها من تتمة المعجوز عنه حتى يفهم أنها منشأ العجز. إلى هنا كلامه. يعني أن كونها للتبعيض يوهم أن يكون المعجوز عنه مجرد إتيان بعض ما هو مثل للمنزل وأنه لا مدخل لاعتبار المماثلة في عجزهم فلا يكون اعتبارها منشأ للعجز بخلاف ما إذا جعلت تبيينية، فإن المعجوز عنه حينئذ يكون إتيان المماثل فيكون لاعتبار المماثلة مدخل في عجزهم وتكون المماثلة منشأ له. وإنما قال: «أوهم» لأن قولنا: فأتوا بسورة كائنة بعض مثل المنزل لا يستدعي أن يكون له مثل محقق بل هو كلام على طريق إرخاء العنان وهو أبلغ للتبكيت والإلزام فلذلك لم يلتفت المصنف إلى هذا الإيهام. قوله: (وزائدة عند الأخفش) فإنه يجوز زيادتها في الإثبات سواء دخلت على المعرفة كما في قول العرب: قد كان من مطر، وكذا الكوفيون. وغيرهما شرط في زيادتها شرطين كونها في غير الموجب ودخولها على النكرات، وغير الموجب إما نفي نحو: ما رأيت من أحد أو نهي نحو: لا تضرب من

Halaman 393