348

Hasyiyah 'Ala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Genre-genre

فرادى تشبهها بأمثالها كقوله تعالى: وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور [فاطر: 19 - 21] وقول امرء القيس:

كأن قلوب الطير رطبا ويابسا ... لدى وكرها العناب والحشف البالي

بأن يشبه في الأول ذوات المنافقين بالمستوقدين وإظهارهم الإيمان باستيقاد النار الهيئة بالهيئة. ومثل التشبيه المفرق بقوله تعالى في سورة الملائكة: وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات [فاطر: 19 - 22] فإنه من قبيل تشبيه المفردات بالمفردات حيث شبه الجاهل بالأعمى والعالم العامل بعلمه بالبصير، ولما شبه الجاهل والعالم بالأعمى والبصير قال: ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات [فاطر: 20 - 22] فإنه من قبيل المفردات حيث عقب بتشبيه الباطل الذي عليه الجاهل بالظلمات، وتشبيه الذي عليه المؤمن المطيع بالنور، وتشبيه ما يؤدي إليه الحق من الثواب بالظل، وتشبيه ما يؤدي إليه الباطل من العقاب بالحرور وهو شدة حر الشمس، وتشبيه من اعتقد الحق ودخل في دين الإسلام بالإحياء ومن أصر على الكفر بالأموات. والواو والعاطفة التي بين الضدين لجمع الوتر بالوتر والدلالة على نفي المساواة بينهما لأن فعل الاستواء لا يكون إلا بين شيئين فلا بد أن يعطف على فاعله شيء آخر مثله حتى يكون الفاعل مجموعهما والتي هي بين مجموع الضدين المذكورين بعدهما لضم الشفع وجمعهما في حكم عدم الاستواء. وفي الحواشي السعدية والشريفية: أن كلمة «لا» في قوله تعالى: ولا الظلمات مذكورة لتقرير النفي المتقدم ومؤكدة له كما في قولك: ما جاءني زيد ولا عمرو، وأما كلمة «لا» التي في قوله: (ولا النور ولا الحرور ولا الأموات) فليست كذلك إذ لا يصح أن يقدر بعدها ذلك الفعل المنفي وهو يستوي لأن فاعله مجموع هذين المتقابلين لا كل واحد منهما فهي زائدة محضة. قوله:

(رطبا ويابسا) حال من قلوب الطير والعامل فيها معنى المشابهة المستفادة من كلمة «كأن» أي أشبهها بالعناب والحشف البالي حال كون بعضها رطبا وبعضها يابسا. شبه الرطب منها بالعناب واليابس بالحشف البالي وهو بالحاء المهملة ارداء التمر، فهو أيضا من قبيل التشبيه المفرق يصف العقاب بكثرة اصطياد الطيور مع أنه لا يأكل قلوبها فإن من خواصه أن لا يأكل قلب الطير. قوله: (بأن يشبه في الأول) متعلق بالجعل المذكور في قوله: «ويمكن جعلها» من قبيل التمثيل المفرد وقوله في: «الأول» أي في التمثيل الأول. قوله: (وإظهارهم) عطف على قوله: «ذوات المنافقين» وقوله: «باستيقاد النار» عطف على قوله: «بالمستوقدين» والباء في قوله: «بإهلاكهم» و «بإفشاء حالهم» سببية متعلقة بقوله: «وزوال ذلك» وقوله: «بإطفاء نارهم» متعلق بشبه المقدر. نقل عن بعض الأفاضل أنه قال: للمستوقد ثلاث حالات:

Halaman 354