314

Hasyiyah 'Ala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Genre-genre

الضوء من الزيادة وبقاء ما يسمى نورا والغرض إزالة النور عنهم رأسا. ألا ترى كيف قرر ذلك وأكده بقوله.

وتركهم في ظلمات لا يبصرون (17) فذكر الظلمة التي هي عدم النور وانطماسه بالكلية وجمعها ونكرها ووصفها بأنها ظلمة خالصة لا يتراءى فيها شبحان، وقوة بالنسبة إلى النور وكان النور أنقص منه وأضعف ومعلوم أن إذهاب الأتم الأكمل لا يستلزم سلب الأنقص الأقل بخلاف سلب الأنقص فإنه يستلزم سلب الأتم الأكمل، فلا جرم كان إذهاب النور أبلغ من إذهاب الضوء، فإن الأول يدل على إزالة النور عنهم رأسا وطمسه أي محوه بالكلية بخلاف الثاني فلذلك عدل عن ذكر الضوء إلى ذكر النور. قوله: (ألا ترى) تفسير لكون الغرض إزالة النور عنهم رأسا فإن قوله سبحانه وتعالى: وتركهم في ظلمات لا يبصرون معطوف على قوله: ذهب الله بنورهم والعطف قد يكون للتفسير والتقرير.

قوله: (وجمعها ونكرها) معطوفان على قوله: «فذكر الظلمة» وفي كل واحد منهما إشارة إلى المبالغة في ذهاب نورهم رأسا فإن الظلمة مع كونها عدم النور رأسا إذا جمعت دلت على أنها في شدتها وكمالها صارت كأنها ظلمات متراكمة ملتئمة بعضها إلى بعض. قوله: (ووصفها) إشارة إلى أن قوله سبحانه وتعالى: لا يبصرون صفة لقوله سبحانه وتعالى: ظلمات بحذف العائد وهو (فيها) كأنه قيل: في ظلمات لا يتراءى فيه شبحان. والمصنف رحمه الله أخذ هذه الاعتبارات من كلام الإمام رحمه الله، فإنه قال: فإن قيل: هلا قيل ذهب الله بضوئهم ليطابق قوله: فلما أضاءت الجواب أن ذكر النور أبلغ لأن الضوء فيه دلالة على الزيادة، فلو قيل: ذهب الله بضوئهم لأوهم الذهاب بالزيادة وبقاء ما يسمى نورا والغرض إزالة النور عنهم بالكلية. ألا ترى كيف ذكر عقيبه قوله سبحانه وتعالى: وتركهم في ظلمات وحال الظلمة عبارة عن عدم النور وكيف جمعها وكيف نكرها وكيف اتبعها ما يدل على أنها ظلمة خالصة وهو قوله سبحانه وتعالى: لا يبصرون.

قوله (بقوله تعالى: وتركهم في ظلمات) يعني أن «ترك» في هذه الآية معدى إلى مفعولين باعتبار التضمين أحد المفعولين الضمير المتصل وثانيهما قوله: في ظلمات والتقدير: وصيرهم مستقرين في ظلمات. وقوله: لا يبصرون يجوز أن يكون مفعولا آخر بعد المفعول الثاني على سنن الأخبار المتتابعة للمخبر عنه الواحد كقولك: صيرت زيدا عالما فاضلا لأن المفعول الثاني في هذا الباب في معنى الخبر عن المفعول الأول، فلما جاز تعدد الخبر جاز تعدد المفعول الثاني. ويجوز أن يكون حالا أي حال كونهم لا يبصرون ولعل الوجه اختيار أن يضمن تركهم في الآية معنى صيرهم مع أن الظاهر أنه يجوز أن يكون باقيا على أصل معناه ويكون قوله: في ظلمات لا يبصرون حالين من ضمير تركهم

Halaman 320