عند أصحابنا البصريين من الأسماء التي حذفت أعجازها لكثرة الاستعمال وبنيت أوائلها على السكون، وأدخل عليها مبتدأ بها همزة الوصل لأن من دأبهم أن يبتدؤوا بالمتحرك المضمر فإن لزوم الحرفية والجر جميعا متحقق فيها مع تخلف الحكم المذكور عنها لكونها مفتوحة، والجواب عن النقض بواو القسم وتائه أنهما يجران لنيابتهما عن المضاف فصارا بذلك كأن الجر ليس لازما لهما في نفسهما، وعن النقض باللام الداخلة على المضمر أنها فتحت مع تحقق مجموع اللزومين فيها للفرق بين ما دخلت على المضمر وما دخلت على المظهر والفرق بينهما وإن كان يحصل بالعكس، إلا أن كسر ما دخل على المظهر أولى لتوافق حركة العامل أثره الظاهر فتعين الفتح لما دخل على المضمر فرقا بينهما مع أن لام الابتداء لما فتحت إبقاء لها على ما هو الأصل في الحروف المفردة كسرت اللام الجارة الداخلة على المظهر فرقا بينها وبين لام الابتداء ولو عكس لحصل الفرق بينهما أيضا، إلا أنه اختير أن تكسر اللام الجارة لتناسب حركتها أثرها وحملت لام الأمر على اللام الجارة لأن الجزم في الأفعال بمنزلة الجر في الأسماء فصار أثر لام الأمر بذلك الاعتبار بمنزلة الكسر ولم تكسر اللام الجارة الداخلة على المضمر بل أبقيت على ما هو الأصل في الحروف المفردة وهو لفتح لعدم التباسها بلام الابتداء على تقدير الفتح لأن لام الابتداء إذا دخلت على المضمر لا تدخل إلا على المضمر المرفوع نحو: لانت ولا تدخل عليه اللام الجارة، فلما حصل الفرق بجوهر المدخول عليه لم يتصور التباس إحداهما بالأخرى. وعبر عن اللام الجارة بلام الإضافة بناء على أن الحروف الجارة تسمى حروف الإضافة لأنها تضيف معاني الأسماء إلى الأفعال. قوله: (من الأسماء التي حذفت أعجازها) أي أواخرها مثل: يد ودم فإن أصل دم دمو بفتحتين. وقال سيبويه: أصله دمي بسكون الميم لأنه يجمع على دماء مثل ظبي وظباء. وقال المبرد: أصله فعل بالتحريك وإن جاء جمعه مخالفا لنظائره الذاهب منها الياء بدليل قولهم: دمي يدمي مثل رضي يرضي. وقولهم في التثنية: دميان وبعض العرب يقول في تثنيته: دموان، وأصل يد يدي على فعل ساكنة العين لأن جمعه أيدي مثل فلس وأفلس فكذا لفظ اسم من الأسماء التي حذفت أواخرها عند البصريين لا من الأسماء التي حذفت أوائلها كما ذهب إليه الكوفيون. فأصل اسم عند البصريين سمو، وقيل: سمى مشتق من سموت أو سميت مثل علوت وعليت وسلوت وسليت، والسمو الارتفاع وسمي اسم الشيء اسما لأنه تنويه للمسمى ورفعة له وتقديره افع والذاهب لامه لأن جمعه أسماء وتصغيره سمي ولو كان مشتقا من وسم يسم سمة وكان أصله وسما كما ذهب إليه الكوفيون لكان جمعه أوساما وتصغيره وثيما، فالبصريون لما أرادوا تخفيف سمو في الطرفين لكثرة استعماله حذفوا الواو من آخره لذلك وللاحتراز عن تعاقب الحركات على حرف العلة ولم
Halaman 37