Hasyiyah 'Ala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genre-genre
والحرث. ومنه إظهار المعاصي والإهانة بالدين فإن الإخلال بالشرائع والإعراض عنها مما يوجب الهرج والمرج ويخل بنظام العالم. والقائل هو الله تعالى أو الرسول أو بعض المؤمنين. وقرأ الكسائي وهشام قيل بإشمام الضم.
قالوا إنما نحن مصلحون (11) جواب لاذا ورد للناصح على سبيل المبالغة والمعنى أنه لا يصح مخاطبتنا بذلك فإن شأننا ليس إلا الإصلاح وإن حالنا متمحضة عن هيج الحروب والفتن بالطريق المذكور. وهو إشارة إلى كون هيجان الحروب والفتن فسادا في الأرض. ويعني أن الفساد في الأرض لما كان عبارة عن خروج ما فيها من الناس والدواب والحرث عن الاعتدال اللائق وكان هيجان الحروب والفتن سببا لذلك الخروج كان إطلاق اسم الفساد عليه من قبيل إطلاق اسم المسبب على السبب مجازا. فمعنى لا تفسدوا لا تهيجوا الفتن المؤدية إلى فساد ما في الأرض من الناس والدواب فإنهما يقتلان في الحرب، وكذا الحرث فإنه يقطع عليق الخيل لأهل الحرب ويداس بالأرجل. قوله:
(ومنه إظهار المعاصي) عطف على قوله: «من فسادهم» جعل لإظهار لمعصية الله تعالى من فسادهم في الأرض لأن الشرائع سنن موضوعة بين العباد هدى ورحمة لهم، فإذا تمسك الخلق بها زال الإفساد والعدوان والبغضاء بينهم ولزم كل أحد شأنه فحقنت الدماء وسكنت الفتن، فكان فيه صلاح الأرض وصلاح أهلها بخلاف ما إذا تركوا التمسك بالشرائع وأقدم كل أحد على ما يهواه ويميل إليه طبعه فإنه حينئذ يقع الهرج والمرج والاضطراب فيقع فساد عظيم في الأرض. فقوله تعالى: لا تفسدوا في الأرض معناه لا تفعلوا ما يؤدي إلى الفساد في الأرض وهو الإعراض عن الطاعة وعن التمسك بالشريعة وإتيان المعصية. قوله:
(والقائل هو الله تعالى أو الرسول أو بعض المؤمنين) وكل ذلك محتمل إلا أن الأقرب أن ذلك القائل من كان مشافها لهم بذلك الكلام فهو إما الرسول صلى الله عليه وسلم بأن شافههم بذلك بناء على أنه بلغه عنهم ما يدل على نفاقهم ولم يقطع بذلك فنصحهم فأجابوا بما يحقق إيمانهم وأنهم في الصلاح بمنزلة سائر المؤمنين. وإما بعض من المؤمنين الذين يرون منهم ما يؤدي إلى وقوع الفساد في الأرض فيقولون لهم على سبيل الوعظ لا تفسدوا في الأرض.
قوله: (ورد للناصح على سبيل المبالغة) وجه المبالغة كون جوابهم بالجملة الإسمية الدالة على الثبات والاستمرار، وكون تلك الجملة مصدرة بكلمة «إنما» الدالة على تأكيد الحكم وعلى القصر أيضا. قوله: (وإن حالنا متمحضة) أي خالصة عن شوائب الإفساد.
أشار إلى أن القصر المستفاد من «إنما» هو قصر الأفراد فإنهما لما نهوا عن الإفساد توهموا أنه قد حكم عليهم بأنهم يخلطون الإفساد بالإصلاح فأجابوا بأنهم مقصورون على محض
Halaman 281