Hasyiyah 'Ala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genre-genre
الانفعالية كالجبن والخور وهو بفتحتين الضعف. قوله: (حين شاهدوا) ظرف لقوله:
«تداخل» وقوله: «وقذف» فعل ماض معطوف على قوله: «شاهدوا» وفي قوله: «ما تداخل قلوبهم» إشارة إلى أن هذا المعنى المجازي للفظ «المرض» أمر حدث فيهم وعرض عليهم بعد ما رأوا قوة الإسلام وشوكة المسلمين فإن التداخل يقتضي العروض والحدوث وقد كانت قلوبهم قبل ذلك قوية حيث كانوا يطمعون في عدم استقرار أمرهم وعدم قبول الخلق إياه، ومن قبل منهم ذلك سيندم على فعله ويرجع عنه فيضمحل أمره، فلما رأوا منه غلبة النصر وإظهار دينه على الدين كله ضعفت قلوبهم لغلبة اليأس عليها. وأيضا إنهم كانوا أصحاب شجاعة وجسارة في الحروب فقذف الله تعالى في قلوبهم الرعب فغلب الخوف والجبن على قلوبهم. ولما فسر المرض بثلاثة أوجه فسر الزيادة في كل وجه بما يناسبه.
قوله: (في قلوبهم مرض) الجار والمجرور فيه خبره مقدم لقوله: «مرض» وتقديمه مصحح للابتداء بالنكرة. قوله: (فزادهم الله مرضا) جملة فعلية معطوفة على الجملة الإسمية قبلها مسببة عما قبلها بمعنى سبب حصول الزيادة حصول المرض في قلوبهم «وزاد» يستعمل لازما ومتعديا إلى اثنين ثانيهما غير الأول «كأعطى» و «كسا»، ومثال استعماله لازما قولك: «زاد المال» ومثال استعماله متعديا قوله تعالى: وزدناهم هدى [الكهف: 13] وقوله: فزادهم الله مرضا وقد يحذف أحد مفعوليه فيقال: «زدت زيدا» ولا يذكر ما «زيد» و «زدت ما لا» ولا تذر «من زدت».
قوله: (أي مؤلم) بفتح اللام على أنه اسم مفعول من آلم إيلاما أي أوجع إيجاعا، فالمؤلم هو المعذب الذي تعلق به الألم وصار محلا له فهو بمعنى الأليم فإنه صفة مشبهة مشتق من الفعل اللازم وهو ألم يألم ألما فهو أليم، ومعنى ألم صار ذا ألم بأن تعلق به الألم فيكون ذا ألم وهو بعينه بمعنى المؤلم. قوله: (وصف به العذاب للمبالغة) جواب لما يقال من أن أليم حينئذ يكون صفة المعذب بفتح الذال لا صفة العذاب فكيف وصف به العذاب؟
ووجه المبالغة أن التوصيف به المذكور على أن الألم المتعلق بالمعذب بلغ في القوة والكمال إلى حيث سرى من المعذب في العذاب العارض له وأنه من شدته يتألم بنفسه وهذا نهاية المبالغة كما وصف الضرب في قوله:
(تحية بينهم ضرب وجيع)
بكونه وجيعا وأليما مع أن الأليم هو المضروب بذلك. والمعنى ضربهم الوجيع كتحية بينهم على التشبيه البليغ المقلوب فإن ظاهر الكلام يدل على تشبيه التحية من حيث إنهم في
Halaman 276