257

Hasyiyah 'Ala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Genre-genre

لم يكن مؤمنا والخلاف مع الكرامية في الثاني فلا ينهض حجة عليهم.

يخادعون الله والذين آمنوا الخدع أن توهم غيرك خلاف ما تخفيه من المكروه لتزله عما هو فيه وعما هو بصدده، من قولهم: خدع الضب إذا توارى في ألسنتهم، ومن كان في قلبه اعتقاد غير مطابق للواقع مضاد لما يشعر به لسانه فهو كافر اتفاقا. وقوله تعالى: وما هم بمؤمنين من جملة ما يدل على كفره وهو لا يدل على أن فارغ القلب إذا تكلم بما يدل على اعتقاد الحق لا يكون مؤمنا حتى يستدل به على بطلان قول الكرامية القائلين بأن الإيمان هو الإقرار باللسان لا غير، وكفر من في باطنه ما يضاد ما في ظاهره لا يستلزم كفر من كان باطنه خاليا عما يشعر به ظاهره وعما ينافيه. قيل في كون الآية دليلا على بطلان قول الكرامية إن الله تعالى لما نفى عن المؤمنين اسم الإيمان مع وجود الإقرار باللسان فيهم عاريا عن التصديق بالقلب دل ذلك على أن الإيمان اسم للتصديق والإقرار جميعا حيث انعدم الاسم بانعدام أحدهما وهو اسم للتصديق فقط، والإقرار باللسان لم يعتبر إلا لكونه دليلا على التصديق وعلامة لما في الضمير. قوله: (والخلاف مع الكرامية في الثاني) وهو من تكلم بالشهادتين حال كونه فارغ القلب عما ذكر فإنه ليس مؤمنا عندنا خلافا لهم. وأما من ادعى الإيمان وخالف قلبه لسانه فهو كافر بالاتفاق. وفي شرح المقاصد: أن من أخفى الكفر وأظهر الإيمان فهو مؤمن عند الكرامية وإن استحق الخلود في النار. قال الإمام في تفسير قوله: يؤمنون بالغيب إن الذين قالوا الإيمان الإقرار باللسان لهم طريقان: الأول قالوا: إن الإقرار باللسان فقط هو الإيمان لكن شرط كونه إيمانا حصول المعرفة في القلب فالمعرفة شرط لكونه الإقرار باللسان إيمانا لأنها داخلة في مسمى الإيمان.

والثاني قالوا: إن الإيمان يحصل بمجرد الإقرار باللسان وهو قول الكرامية، وزعموا أن المنافق مؤمن الظاهر كافر السريرة فثبت له حكم المؤمنين في الدنيا وحكم الكافرين في الآخرة. انتهى. وظاهرهما يخالف قول المصنف: «والخلاف مع الكرامية في الثاني».

قوله: (الخدع أن توهم غيرك) أي توقع في وهم صاحبك خلاف ما تضمره مما هو مكروه عنده يقال: وهمت الشيء أهمه إذا ذهب إليه وهمك ووقع ذلك في خاطرك وأوهمته غيري. قوله: (لتزله) متعلق بقوله: «توهم» والإزلال الإسقاط والإزلاق. يقال: زللت يا فلان تزل زللا. والاسم الزلة إذا زلق في طين أو منطق، وأزله غيره واستزله، والمزلة بفتح الزاي وكسرها مكان الزلق وهو موضع الزلل. قوله: (عما هو فيه أو عما هو بصدده) أي لتزله عن مطلوبه الحاصل له أو عن مطلوبه الذي بصدد تحصيله والوصول إليه. فعلى هذا يكون معنى الخدع هو الإيهام المذكور مع قصد الإزلال سواء حصل الإزلال بالفعل أو لم يحصل، إلا أن ظاهر الإزلال بالفعل معتبر في معنى الخدع في عرف العامة كما يدل قوله:

Halaman 263