218

Hasyiyah 'Ala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Genre-genre

سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم خبر «إن» وسواء اسم بمعنى الاستواء نعت به ما نعت بالمصادر. قال الله تعالى: تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم [آل عمران: 64] رفع بأنه خبر «إن» وما بعده مرتفع به على الفاعلية كأنه قيل: إن الذين حقيته وهذا الحمل لكلام الشيخ مما اختاره محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في كتابه المسمى «نهاية الإقدام» ولا شبهة في أنه أقرب إلى الأحكام الظاهرة المنسوبة إلى قواعد أهل الملة. هذا كلام الشريف رحمه الله. وقال الشيخ المحقق التفتازاني رحمه الله: هذا كلام جيد لمن يتعقل لفظا قائما بالنفس غير مؤلف من الحروف المنطوقة أو المخيلة المشروط وجود بعضها بعدم البعض، ولا من الأشكال المرتبة الدالة عليه. ونحن لا نتعقل من قيام الكلام بنفس الحافظ إلا كون صور الحروف مخزونة مرتسمة في خياله بحيث إذا التفت إليها كان كلاما مؤلفا من ألفاظ مخيلة ونقوش مرتبة وإذا تلفظ كان كلاما مسموعا. إلى هنا كلامه.

قوله: (خبر إن) يعني أن مجموع قوله: سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم خبر «إن». ثم بين أن كون هذا المجموع خبر «إن» له طريقان: الأول أن يكون قوله تعالى:

سواء اسما مرفوعا على أنه خبر «إن» وما بعده يكون مرفوعا به على الفاعلية كأنه قيل:

إن الذين كفروا مستو عليهم إنذارك وعدمه، فإن قلت: الحكم على سواء بأنه هو الخبر وما بعده فاعله مخالف للحكم على مجموع سواء وما بعده بأنه خبر «إن» فكيف يكون تفصيلا له؟ قلنا: لا مخالفة بينهما لأنه على تقدير أن يكون سواء خبر «إن» وما بعده فاعلا له يصدق أن يقال سواء مع فاعله خبر «إن» وهو الظاهر. والطريق الثاني أن يكون قوله:

أأنذرتهم أم لم تنذرهم في محل الرفع على الابتداء ويكون قوله: سواء مرفوعا على أنه خبر مقدم لما بعده وتكون هذه الجملة الإسمية خبر «إن» والمعنى إن الذين كفروا إنذارك وعدمه سيان عليهم في عدم حصول النفع لهم. وكون ما بعده سواء مبتدأ أظهر من كونه فاعل سواء لأن سواء اسم غير مشتق فتنزيله منزلة الفعل وإعماله كعمل الفعل خلاف الظاهر فقوله: «رفع خبر ثان» لقوله: «وسواء». قوله: (نعت به كما نهت بالمصادر) أي أجرى الاستواء على الذين كفروا كما أجرى المصادر على الموصوف بها مبالغة في اتصافه بها وقيام معانيها به. فإن التوصيف بالمصدر في نحو: رجل صوم ورجل عدل يكون على وجهين: الأول أن يقدر مضاف محذوف أي ذو صوم وذو عدل، والثاني أن يعجل الموصوف كأنه تجسم من الصوم والعدل مبالغة، ووجه المبالغة ههنا إفادة أن الإنذار وعدمه مستويان بحيث صارا كأنهما نفس الاستواء. ثم إن إجراء المصادر على الموصوف بها قد يكون بأن يجعل المصدر نعتا نحو «يا له» كما في قوله تعالى: تعالوا إلى كلمة سواء بيننا

Halaman 224