160

Hasyiyah 'Ala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Genre-genre

المقارب للتقوى متقيا فإن المجاز باعتبار المال قد يكون علاقته كونه مشارفا للمعنى المجازي كما في قوله عليه الصلاة والسلام: «من قتل قتيلا فله سلبه». فإن الحي سمي قتيلا من حيث كونه قتيلا عقيب تعلق القتل به بلا تراخ وقد تكون علاقته صيرورة أمره إلى المعنى المجازي بعد زمان متراخ لا بطريق المشارفة كما في قوله تعالى: ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا [نوح: 27] فإن اتصاف المولود بالفجور والكفر متراخ عن تعلق الولادة بالمولود فظهر أن قوله: «باعتبار الغاية» بيان كونها علاقة المجاز وقوله: «وتسمية المشارف» بيان لصفتها.

قوله: (إيجازا) إشارة إلى نكتة لطيفة لارتكاب المجاز فإن هدى للمتقين أوجز من هدى للضالين الصائرين إلى التقوى المشارفين لها مع ما فيه من حسن المطلع بتصدير السورة التي هي أولى الزهراوين بذكر أولياء الله تعالى المرتقين من عباده. قوله: (وتفخيما لشأنه) أي شأن المشارف للتقوى لأن فيه مدحا للقابل للصفة المحمودة حال خلوه عنها وعدم اتصافه بها بأنه كالمتصف بها بالفعل وإشارة إلى نكتة معنوية له.

قوله: (إما موصول بالمتقين) قسيمه ما سيجيء من قوله: وإما مفصول عنه» وعلى تقدير كونه موصولا به إما تابع له في الإعراب بأن يكون صفة له مجرورة مثله إما مقيدة له أو موضحة أو مادحة وإما مقطوع عن التبعية بأن يخالفه في الإعراب بأن يكون مدحا منصوبا بتقدير أعني، أو مرفوعا بتقديرهم الذين جعل المدح المنصوب أو المرفوع موصولين بما قبلهما مع كونهما مقطوعين عنه من حيث كونهما جملة مستقلة فعلية أو اسمية كالجملة المستأنفة بناء على أنهما موصولان تابعان لما قبلهما حقيقة. ومعنى وإن كانا مفصولين عنه نظرا إلى اللفظ والإعراب والصورة فإن الصفة إذا قطعت عن إعراب موصوفها مدحا لم يتغير في المعنى ما قصد بها من أجزائها على موصوفها بخلاف ما إذا كان مستأنفا بأن رفع على الابتداء وكان أولئك خبره فإنه حينئذ يكون المقصود الإخبار عنه بما يعده لا إجراءه على ما قبله، وإن فهم ذلك ضمنا فليس هو جاريا عليه حقيقة بل كالجاري عليه فافترقا. وإنا قلنا إنه على تقدير كونه مستأنفا يفهم منه ضمنا كونه تابعا لما قبله جاريا عليه بناء على أن الاستئناف مبني على تقدير سؤال فكأنه قيل: ما بال المتقين مخصوصين بأن الكتاب هدى لهم؟ فأجيب بأن الموصوفين بهذه الثلاثة على هدى فيكون جوابا له بذكر اتصاله بما قبله ويكون تابعا له في المعنى وجاريا عليه ثابتا له. فلذلك ترى علماء المعاني يعدون اتصال الكلام المستأنف بما قبله من قبيل كمال الاتصال المانع من العطف. واعلم أن الصفة إن كان مفهومها عين مفهوم الموصوف بحيث لا يتميز أحدهما عن الآخر بأن يكون الموصوف مجملا تفصله الصفة وتبينه تسمى كاشفة موضحة ومعرفة كقولك: الجسم الطويل العريض

Halaman 166