Hasyiyah 'Ala Syarh Jam' Al-Jawami'
حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع
Genre-genre
الشارح:» والأصح أن الإتيان بالمأمور به «: أي بالشيء على الوجه الذي أمر به،» يستلزم الإجزاء «للمأتي به، بناء على أن الإجزاء الكفاية في سقوط الطلب، وهو الراجح كما تقدم. وقيل: لا يستلزمه، بناء على أنه إسقاط القضاء، لجواز أن لا يسقط المأتي به القضاء، بأن يحتاج إلى الفعل ثانيا، كما في صلاة من ظن الطهارة، ثم تبين له حدثه.
المحشي: قوله:» بناء على أن الإجزاء الكفاية في سقوط الطلب «الخ، حاصله: بناء الخلاف في المسألة على الخلاف في تفسير الإجزاء، والذي قاله غيره -حتى المصنف في شرح المختصر-: إن الخلاف فيها إنما هو على تفسير الإجزاءبأنه إسقاط القضاء، أما إذا فسر بالكفاية في سقوط الطلب -كما هو المختار- فالإتيان يستلزم الإجزاء بلا خلاف، فالمسألة مفرعة على ضعيف، كذا قيل، وأنت خبير بأن المعنى قولهم «بلا خلاف» أي عند القائل بهذا التفسير، كما أنه كذلك عند القائل بذاك التفسير، فليست المسألة مفرعة على ذلك، بل عليهما معا كما قرره الشارح.
هل الأمر بالأمر بالشيء أمر به؟
صاحب المتن: وأن الأمر بالأمر بالشيء ليس أمرا به.
الشارح:» و«الأصح» أن الأمر «للمخاطب» بالأمر «لغيره» بالشيء «نحو: (وامر أهلك بالصلاة) طه: 132،» ليس أمرا «لذلك الغير» به «، أي بالشيء. وقيل: هو أمر به، وإلا فلا فائدة فيه لغير المخاطب.
وقد تقوم قرينة على أن غير المخاطب مأمور بذلك الشيء، كما في حديث الصحيحين: أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «مره فليراجعها».
المحشي: قوله:» وقيل: هو أمر به «، رد: بأنه يلزم عليه أن القائل لغيره «مر عبدك بكذا» متعد لكونه آمرا للعبد بغير إذن سيده، وأنه لو قال للعبد ما ذكر: لا تفعل، يكون مناقضا، ولم يقل بذلك أحد. قوله:» وقد تقوم قرينة «الخ، القرينة فيه مجيء الحديث في رواية بلفظ «فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراجعها»، وحكاية عمر قصة ابنه للنبي صلى الله عليه وسلم مع لام الأمر في «فليراجعها».
هل الآمر يتناوله خطابه؟
صاحب المتن: وأن الآمر بلفظ يتناوله داخل فيه،
الشارح:» و«الأصح» أن الآمر «بالمد-» بلفظ يتناوله «، كما في قول السيد لعبده: «أكرم من أحسن إليك»، وقد أحسن هو إليه،» داخل فيه «: أي في ذلك اللفظ، ليتعلق به ما أمر به.
وقيل: لا يدخل فيه، لبعد أن يريد الآمر نفسه، وسيأتي تصحيحه في مبحث العام بحسب ما ظهر له في الموضعين ..
المحشي: قوله:» وسيأتي تصحيحه في مبحث العام بحسب ما ظهر له الموضعين «اعتذاره بهذا عن الاعتراض بالتناقض، يأباه ما أجاب به المصنف في منع الموانع: من حمل ما هنا على الإنشاء مطلقا، وما هناك على ما يعم الإنشاء والخبر من غير مبلغ، بخلاف المبلغ كالنبي صلى الله عليه وسلم الآمر عن الله تعالى، والوزير الآمر عن الأمير.
قال الزركشي: «ولا يخفى ما فيه من التعسف، مع وروده في الصورة التي يجتمعان فيها».
المحشي: قال: «ولو جمع بينهما بحمل ما هنا على خطاب شامل له: نحو «إن الله يأمرنا بكذا»، وحمل ما هنالك على خطاب لا يشمله نحو (إن الله يامركم أن تذبحوا بقرة) البقرة: 67 كان أولى، واستشكله تلميذه البرماوي، بأن الخطاب إذا لم يكن شاملا له، فليس من محل الخلاف، فلهذا سلم الشارح تنافيهما واعتذر عن المصنف بما ذكره، وبالجملة فالمشهور ما هناك، وهو ما صححه الإمام والآمدي وغيرهما، وقال النووي في الروضة: «إنه الأصح عند أصحابنا في الأصول».
الشارح: وقد تقوم قرينة على عدم الدخول، كما في قوله لعبده: «تصدق على من دخل داري»، وقد دخلها هو.
المحشي: قوله:» وقد تقوم قرينة على عدم الدخول «الخ، القرينة فيه أن التصدق تمليك، وهو لا يتصور في المالك لما يتصدق به، إذ المالك لا يملك نفسه، وفعل عبده كفعله.
Halaman 279