Hasyiyah 'Ala Syarh Jam' Al-Jawami'
حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع
Genre-genre
صاحب المتن: فإن أفاد بالوضع طلبا فطلب ذكر الماهية استفهام ، وتحصيلها أو تحصيل الكف عنها أمر ونهي ولو من ملتمس وسائل،
الشارح: «فإن أفاد» أي ما صدق اللساني «بالوضع طلبا فطلب ذكر الماهية» أي اللفظ المفيد لطلب ذلك «استفهام» نحو «ما هذا».
«و» طلب «تحصيلهما، أو تحصيل الكف عنها» أي اللفظ المفيد لذلك «أمر، ونهي» نحو «قم»، «لا تقعد»، «ولو» كان طلب تحصيل ما ذكر «من ملتمس» أي مساو، وللمطلوب منه رتبة «وسائل» أي دون المطلوب منه رتبة، فإن اللفظ المفيد لذلك منهما يسمى أمرا ونهيا.
وقيل: «لا، بل يسمى من الأول التماسا، ومن الثاني سؤالا»، وأشار المصنف إلى هذا الخلاف بقوله: «ولو».
المحشي: قوله «أي ما صدق اللساني» نبه به على أن فاعل «أفاد» ضمير يعود إلى «اللساني» لأنه أقرب ذكرا ومعنى، لا إلى «المركب» أو «الكلام» كما قيل بكل منهما.
قوله «ذكر الماهية» أي سواء كانت ماهية لكلي أم لجزئي.
قوله «أي اللفظ المفيد لطلب ذلك» أي لذكر الماهية يعني ذكرها ذاتا أو صفة، إذ الاستفهام يكون طلبا لذاتها كالمثال الذي ذكره، ولطلب صفة من صفاتها كتمييز فرد من أفرادها نحو «من ذا أزيد أم عمر».
صاحب المتن: وإلا فما لا يحتمل الصدق الكذب التنبيه وإنشاء، ومحتملهما الخبر.
الشارح: «وإلا» أي وإن لم يفد بالوضع طلبا «فما لا يحتمل» منه «الصدق والكذب» فيما دل عليه «تنبيه، وإنشاء» أي يسمى بكل من هذين الاسمين سواء لم يفد طلبا نحو «أنت طالق»، أم أفاد طلبا باللازم كالتمني، والترجي نحو «ليت الشباب يعود يوما»، و«لعل الله أن يعفو عني».
«ومحتملهما» أي الصدق، والكذب من حيث هو «الخبر». وقد يقطع بصدقه، أو كذبه لأمور خارجة عنه، كما سيأتي.
المحشي: قوله «أم أفاد طلبا باللازم» أي بأن يكون المفاد لازم معناه كما في التمني والترجي، إذ معنى كل منهما ملزوم للطلب لا نفسه، إذ عود الشباب في التمني غير ممكن عادة فلا يطلب وإنما معناه الحزن على فواته، ويلزم ذلك كونه مطلوبا لو أمكن. والترجي توقع حصول المحبوب الممكن كالعفو في مثال الشارح، ويلزم ذلك كونه مطلوبا. وقولي «إن عود الشباب لا يمكن عادة» محمول على تفسير الشباب بعود القوة والنشاط الحاملين قبل الشيخوخة، والقول بأنه غير ممكن عقلا مبني على تفسير الشباب بالسن الذي لم يتجاوز ثلاثين. فإمكان عود ذلك مستلزم الجمع بين النقيضين، وهو مستحيل عقلا.
قوله «وقد يقطع ... الخ» هو فائدة مراعة الحيثية التي ذكرها قبله.
صاحب المتن: وأبى قوم تعريفه كالعلم والوجود والعدم، وقد يقال: «الإنشاء ما يحصل مدلوله في الخارج بالكلام، والخبر خلافه: أي ما له خارج صدق أو كذب».
الشارح: «وأبى قوم تعريفه كالعلم والوجود، والعدم» أي كما أبوا تعريف ما ذكر، قيل: «لأن كلا من الأربعة ضروري فلا حاجة إلى تعريفه»، وقيل: «لعسر تعريفه».
«وقد يقال: «الإنشاء ما» أي كلام «يحصل مدلوله في الخارج بالكلام» نحو «أنت طالق»، و«قم»، فإن مدلوله من إيقاع الطلاق، وطلب القيام يحصل به، لا بغيره.
وقوله «بالكلام» من إقامة الظاهر مقام المضمر للإيضاح، فالإنشاء بهذا المعنى أعم منه بالمعنى الأول لشموله ما قبل الأول منه.
Halaman 138