[بَاب تَعْظِيمِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالتَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ عَارَضَهُ]
١٢ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ جَابِرٍ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ الْكِنْدِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي فَيَقُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ ﷿ مَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ أَلَّا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ»
ــ
قَوْلُهُ: (يُوشِكُ الرَّجُلُ) هُوَ مُضَارِعُ أَوْشَكَ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ هُوَ أَحَدُ أَفْعَالِ الْمُقَارَبَةِ وَيَقْتَضِي اسْمًا مَرْفُوعًا وَخَبَرًا يَكُونُ فِعْلًا مُضَارِعًا مَقْرُونًا بِأَنَّ وَلَا أَعْلَمُ تَجَرُّدَهُ مِنْ أَنَّ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي بَعْضِ الْأَشْعَارِ
قَالَ السُّيُوطِيُّ قُلْتُ: قَدْ رَوَاهُ الْحَاكِمُ بِلَفْظِ يُوشِكُ أَنْ يَقْعُدَ الرَّجُلُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ إِلَخْ أَرَادَ السُّيُوطِيُّ أَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ قَدْ غَيَّرَهُ الرُّوَاةُ وَإِلَّا فَأَنْ مَوْجُودَةٌ فِيهِ فِي الْأَصْلِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ أَيْ جَالِسًا عَلَى سَرِيرِهِ الْمُزَيَّنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ يُحَدَّثُ الرَّاجِعِ إِلَى الرَّجُلِ وَهُوَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَجَعْلُهُ حَالًا مِنَ الرَّجُلِ بَعِيدٌ مَعْنًى وَهَذَا بَيَانٌ لِبَلَادَتِهِ وَسُوءِ فَهْمِهِ أَيْ حَمَاقَتِهِ وَسُوءِ أَدَبِهِ كَمَا هُوَ دَأْبُ الْمُتَنَعِّمِينَ الْمَغْرُورِينَ بِالْمَالِ وَالْجَاهِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَرَادَ بِهِ أَصْحَابَ التَّرَفُّهِ وَالدَّعَةِ الَّذِينَ لَزِمُوا الْبُيُوتَ وَلَمْ يَطْلُبُوا الْحَدِيثَ بِالْأَسْفَارِ مِنْ أَهْلِهِ فَيَقُولُ أَيْ فِي رَدِّ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حَيْثُ لَا يُوَافِقُ هَوَاهُ أَوْ مَذْهَبَ إِمَامِهِ الَّذِي قَلَّدَهُ قَوْلُهُ: (اسْتَحْلَلْنَاهُ) اتَّخَذْنَاهُ حَلَالًا أَيْ وَهَذَا الْحَدِيثُ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ فَلَا نَأْخُذُ بِهِ قَوْلُهُ: (أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ إِلَخْ) أَلَا حَرْفُ تَنْبِيهٍ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ أَلَا إِنَّ مَا فِي الْقُرْآنِ حَقٌّ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ إِلَخْ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ أَيْ عَطْفٌ فِي الْقُرْآنِ وَإِلَّا فَمَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هُوَ عَيْنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَإِنَّ التَّحْرِيمَ يُضَافُ إِلَى الرَّسُولِ بِاعْتِبَارِ التَّبْلِيغِ وَإِلَّا هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلَّهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي وُجُوبِ الطَّاعَةِ وَلُزُومِ الْعَمَلِ بِهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُحَذِّرُ بِذَلِكَ مُخَالَفَةَ السُّنَنِ الَّتِي سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِمَّا لَيْسَ لَهُ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرٌ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْخَوَارِجُ وَالرَّوَافِضُ فَإِنَّهُمْ تَعَلَّقُوا بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَتَرَكُوا الَّتِي قَدْ ضُمِّنَتْ بَيَانَ الْكِتَابِ فَتَحَيَّرُوا وَضَلُّوا قَالَ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِالْحَدِيثِ أَنْ يُعْرَضَ عَلَى الْكِتَابِ وَأَنَّهُ مَهْمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَانَ حُجَّةً بِنَفْسِهِ
قُلْتُ: كَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْعَرْضَ لِقَصْدِ رَدِّ الْحَدِيثِ بِمُجَرَّدِ
1 / 9