لَا يَنْفَعُ مَعَ الْكُفْرِ طَاعَةٌ سُمُّوا بِذَلِكَ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْجَأَ تَعْذِيبَهُمْ عَلَى الْمَعَاصِي أَيْ أَخَّرَهُ عَنْهُمْ وَبَعَّدَهُ وَقِيلَ: هُمُ الْجَبْرِيَّةُ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْعَبْدَ كَالْجَمَادِ سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يُؤَخِّرُونْ إِلَى اللَّهِ
وَالْقَدَرِيَّةُ بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ سُكُونِ الدَّالِ اشْتَهَرَ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ مَنْ يَقُولُ بِالْقَدَرِ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِي الْقَدَرِ وَأَقَامُوا الْأَدِلَّةَ بِزَعْمِهِمْ عَلَى نَفْيِهِ وَتَوَغَّلُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَتَّى اشْتُهِرُوا بِهَذَا الِاسْمِ وَبِسَبَبِ تَوَغُّلِهِمْ وَكَثْرَةِ اشْتِغَالِهِمْ صَارُوا هُمْ أَحَقَّ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْمُثْبِتَ أَحَقُّ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ مِنَ النَّافِي عَلَى أَنَّ الْأَحَادِيثَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ هَاهُنَا النَّافِي فَانْدَفَعَ تَوَهُّمُ الْقَدَرِيَّةِ أَنَّ الْمُرَادَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُثْبِتُ لِلْقَدَرِ لَا النَّافِي ثُمَّ الْحَدِيثُ قَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِهَذَا الطَّرِيقِ وَطَرِيقٍ آخَرَ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا بِطَرِيقٍ آخَرَ وَزَعَمَ الْحَافِظُ سِرَاجُ الدِّينِ بُعْدَهُ وَبَيَّنْ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ وَرَدَّ عَلَيْهِ الْحَافِظُ صَلَاحُ الدِّينِ ثُمَّ الْحَافِظُ بْنُ حَجَرٍ بِمَا يُبْعِدُهُ عَنِ الْوَضْعِ وَيُقَرِّبُهُ إِلَى الْحُسْنِ وَجَعَلَ نَظَرَهُمَا هُوَ تَعَدُّدَ الطُّرُقِ وَالْحَدِيثُ جَاءَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ بِطَرِيقِ مُعَاذِ وَكَثْرَةُ الطُّرُقِ تُفِيدُ بِأَنَّ لَهُ أَصْلًا وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يَنْفَعُ فِي الِاسْتِدْلَالِ فِي الْأُصُولِ.
٦٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَجَاءَ رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ شَعَرِ الرَّأْسِ لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ سَفَرٍ وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ فَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَهُ إِلَى رُكْبَتِهِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مَا الْإِسْلَامُ قَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَحَجُّ الْبَيْتِ فَقَالَ صَدَقْتَ فَعَجِبْنَا مِنْهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مَا الْإِيمَانُ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَكُتُبِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ صَدَقْتَ فَعَجِبْنَا مِنْهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مَا الْإِحْسَانُ قَالَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ فَمَتَى السَّاعَةُ قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ قَالَ فَمَا أَمَارَتُهَا قَالَ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي تَلِدُ الْعَجَمُ الْعَرَبَ وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبِنَاءِ قَالَ ثُمَّ قَالَ فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَقَالَ أَتَدْرِي مَنْ الرَّجُلُ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ مَعَالِمَ دِينِكُمْ» ــ قَوْلُهُ: (لَا يُرَى) ضُبِطَ بِالتَّحْتِيَّةِ الْمَضْمُومَةِ أَوْ بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ قَوْلُهُ: (وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ) أَيْ فَخِذَيْ نَفْسِهِ جَالِسًا عَلَى هَيْئَةِ الْمُتَعَلِّمِ كَذَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَاخْتَارَهُ التُّورْبَشْتِيُّ بِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى التَّوْقِيرِ مِنْ سَمَاعِ ذَوِي الْأَدَبِ أَوْ فَخِذِ النَّبِيِّ ﷺ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُؤَيِّدُهُ الْمُوَافَقَةُ لِقَوْلِهِ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَهُ إِلَى رُكْبَتِهِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَةَ فِي تَعْمِيَةِ أَمْرِهِ لِيَقْوَى الظَّنُّ بِأَنَّهُ مِنْ جُفَاةِ الْأَعْرَابِ قُلْتُ: وَهَذَا الَّذِي نُقِلَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ هُوَ رِوَايَةُ النَّسَائِيِّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي ذَرٍّ وَالْوَاقِعَةُ مُتَّحِدَةٌ قَوْلُهُ: (يَا مُحَمَّدُ) كَرَاهَةُ النِّدَاءِ بِاسْمِهِ ﷺ فِي حَقِّ النَّاسِ لَا فِي حَقِّ الْمَلَائِكَةِ فَلَا إِشْكَالَ فِي نِدَاءِ جِبْرِيلَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّعْمِيَةَ
٦٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَجَاءَ رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ شَعَرِ الرَّأْسِ لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ سَفَرٍ وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ فَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَهُ إِلَى رُكْبَتِهِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مَا الْإِسْلَامُ قَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَحَجُّ الْبَيْتِ فَقَالَ صَدَقْتَ فَعَجِبْنَا مِنْهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مَا الْإِيمَانُ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَكُتُبِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ صَدَقْتَ فَعَجِبْنَا مِنْهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مَا الْإِحْسَانُ قَالَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ فَمَتَى السَّاعَةُ قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ قَالَ فَمَا أَمَارَتُهَا قَالَ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي تَلِدُ الْعَجَمُ الْعَرَبَ وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبِنَاءِ قَالَ ثُمَّ قَالَ فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَقَالَ أَتَدْرِي مَنْ الرَّجُلُ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ مَعَالِمَ دِينِكُمْ» ــ قَوْلُهُ: (لَا يُرَى) ضُبِطَ بِالتَّحْتِيَّةِ الْمَضْمُومَةِ أَوْ بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ قَوْلُهُ: (وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ) أَيْ فَخِذَيْ نَفْسِهِ جَالِسًا عَلَى هَيْئَةِ الْمُتَعَلِّمِ كَذَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَاخْتَارَهُ التُّورْبَشْتِيُّ بِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى التَّوْقِيرِ مِنْ سَمَاعِ ذَوِي الْأَدَبِ أَوْ فَخِذِ النَّبِيِّ ﷺ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُؤَيِّدُهُ الْمُوَافَقَةُ لِقَوْلِهِ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَهُ إِلَى رُكْبَتِهِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَةَ فِي تَعْمِيَةِ أَمْرِهِ لِيَقْوَى الظَّنُّ بِأَنَّهُ مِنْ جُفَاةِ الْأَعْرَابِ قُلْتُ: وَهَذَا الَّذِي نُقِلَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ هُوَ رِوَايَةُ النَّسَائِيِّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي ذَرٍّ وَالْوَاقِعَةُ مُتَّحِدَةٌ قَوْلُهُ: (يَا مُحَمَّدُ) كَرَاهَةُ النِّدَاءِ بِاسْمِهِ ﷺ فِي حَقِّ النَّاسِ لَا فِي حَقِّ الْمَلَائِكَةِ فَلَا إِشْكَالَ فِي نِدَاءِ جِبْرِيلَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّعْمِيَةَ
1 / 32