تعلموا العلم وتعلموا له السكينة والحلم "وعلى آله وأصحابه القائمين بنصرة الدين في الحرب
ــ
النسفي: في "بحر الكلام": والسلامة في هذا المقام أن تقول: آمنت بالله وبجميع ما جاء من عند الله على ما أراد الله تعالى به وبجميع الأنبياء والرسل حتى لا يعتقد نبيا من ليس نبيا أوعكسه. قوله: " الكريم " فعيل بمعنى مفعول؛ لأنه أكرمه الله تعالى على جميع خلقه حتى الرؤساء الأربعة من الملائكة، خلافا لمن شذ من المعتزلة وخرق الإجماع. ويحتمل أن يكون كريم بمعنى مكرم اسم فاعل، وكرمه ﷺ ظاهر، بل انتهى كماله إليه ﷺ في الدنيا والآخرة. قوله: " القائل تعلموا العلم " فيه براعة الاستهلال كقوله: آنفا "فأحسنوا لذاته العبادة"، وقوله: "وحفظوا شريعته"، والعلم والمعرفة بمعنى واحد، وإنما لا يطلق عليه تعالى عارف لعدم ورود الشرع به. قال رسول الله ﷺ: "العلم خير من العمل ملاك الدين الورع والعالم من يعمل بعلمه"، وعنه ﷺ: "إن العمل القليل مع العلم ينفع، وإن العمل الكثير مع الجهل لا ينفع"، رواه ابن عبد البر. والعلم نفعه متعد بخلاف العمل، ومن أعظم الأدلة على شرف العلم أن الله تعالى جعل العلماء في المرتبة الثالثة في قوله تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ﴾ [آل عمران:١٨] الآية. وقال ابن عباس: درجات العلماء فوق المؤمنين بسبعمائة درجة ما بين الدرجتين خمسمائة عام، وقال ﷺ: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم"، قال حجة الإسلام: فانظر كيف جعل العلم مقارنا لدرجة النبوة، وعنه صلى الله عليه سلم: "العلم حياة الإسلام وعماد الإيمان ومن علم علما أتم الله له أجره، ومن تعلم فعمل به علمه الله علم ما لم يعلم"، وأوحى الله تعالى إلى إبراهيم ﵇: "يا إبراهيم أنا عليم أحب كل عليم"، وورد: "يشفع الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء"، وورد: "يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء"، وورد: "من تفقه في دين الله ﷿ كفاه الله همه ورزقه من حيث لا يحتسب"، وورد: "أن طالب العلم إذا مات وهو في طلبه مات شهيدا وأنه إذا خرج من بيته لطلبه فهو في سبيل الله حتى يرجع"، وروى الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى بسنده إلى رسول الله الله ﷺ: "طلب العلم فريضة على كل مسلم"، وورد: "اطلبوا العلم ولو بالصين"، وورد: "لأن تغدو فتعلم بابا من العلم خير من أن تصلي مائة ركعة"، وورد: "العلم خزائن ومفاتيحها السؤال، ألا فسألوا فإنه يؤجر فيه أربعة: السائل والعالم والسامع والمحب لهم"، وورد: "لا ينبغي للجاهل أن يسكت على جهله ولا للعالم أن يسكت على علمه"، واعلم أن كل علم يتوصل به إلى فرض عين فتحصيله فرض عين، كالعلم المتعلق بمعرفة الله تعالى والصلاة والزكاة والصوم والحج ومعرفة الحلال والحرام ونحو ذلك، وما يتوصل به إلى فرض الكفاية فتحصيله فرض كفاية وتمامه في خطبة الدر المختار، وتعليم المتعلم. قوله: " وتعلموا له السكينة والحلم ": أي تعلموا لتعليمه وتعلمه السكينة وهي سكون الأعضاء والوقار، والحلم: صفة راسخة لا يستفز صاحبها الغضب. قال ﷺ: "إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ومن يتخير
1 / 11