قصد استعماله " لقربة " وهي: " كالوضوء " في مجلس آخر، " على الوضوء بنيته ": أي الوضوء تقربا ليصير عبادة، فإن كان في مجلس واحد كره، ويكون الثاني غير مستعمل. ومن القربة: غسل اليد للطعام أو منه لقوله ﷺ: " الوضوء قبل الطعام بركة " وبعده ينفي اللمم -أي الجنون- وقبله ينفي الفقر"، فلو غسلها لوسخ وهو متوضئ ولم يقصد القربة لا يصير مستعملا: كغسل ثوب ودابة مأكولة " ويصير الماء مستعملا بمجرد انفصاله عن الجسد " وإن لم يستقر بمحل على الصحيح وسقوط حكم الاستعمال قبل الانفصال لضرورة التطهير ولا ضرورة بعد انفصاله " ولا يجوز " أي لا يصح الوضوء " بماء شجر وثمر " لكمال امتزاجه
ــ
عليه ولا ثواب إلا بالنية، فإنه قيل المتوضئ ليس على أعضائه نجاسة لا حقيقة ولا حكما، فكيف يصير الماء مستعملا بنية القربة. قلت: لما عمل في تحصيل النور، كالمرة الأولى أوجب ذلك تغير وصفه، وإلا كان وجوده كعدمه، قوله: تقربا ليصير عبادة. أما إذا توضأ في مجلس آخر ولم ينو القربة كان إسرافا فلا يعتد به الماء مستعملا. قوله: " فإن كان في مجلس واحد " أي ولم يؤد بالأول عبادة شرع التطهير لها وإلا فلا يكره. قوله: " كره " أي: ولو نوى القربة ويكره إسرافا والإسراف حرام ولو على شط نهر، قاله السيد: ومفاده أن الكراهة تحريمية. قوله: " غسل اليد للطعام أو منه " أي بقصد السنة وإلا لا يستعمل، قوله: " لا يصير مستعملا " لعدم إسقاط فرض أو إقامة قربة وكذا توضأ بنية التعليم؛ لأن التعليم وإن كان قربة إلا أنه لم يتعين بالفعل بل يصح بالقول أيضا والأصح أن غسالة الميت إذا لم يكن عليه نجاسة مستعملة كوضوء الحائض بقصد إقامة المستحب فإن الماء يصير به مستعملا. قوله: كغسل ثوب ودابة مأكولة أي طاهرين، وقد قالوا: إن عرق الحمار طاهر والكلب إذا انتفض من الماء فأصاب إنسانا لا ينجسه لأنه طاهر العين، ومقتضى هذا أنه إذا غسلهما تكون غسالتهما طاهرة وهي مطهرة لعدم موجب الاستعمال. قوله: " على الصحيح " هو ما عليه العامة وصحح في الهداية وكثير من الكتب أنه المذهب كما في البحر، ووجهه ما ذكره المصنف بقوله: " وسقوط الخ "، واختاره الطحاوي وبعض مشايخ بلخ أنه لا يستعمل إلا إذا استقر وتظهر فائدة الخلاف فيما إذا انفصل ولم يستقر فسقط على عضو آخر وجرى عليه من غير أن يأخذه بيده، فعلى الأول: لا يصح غسل ذلك العضو بذلك الماء، وعلى الثاني: يصح. واعلم أن صفة الماء المستعمل حكى بعضهم فيها خلافا على ثلاث روايات. وقال مشايخ العراق: لم يثبت في ذلك اختلاف أصلا بل هو طاهر غير طهور عند أصحابنا جميعا. قال شيخ الإسلام في "شرح الجامع الصغير": وهو المختار عندنا وهو المذكور في عامة كتب محمد عن أصحابنا واختاره المحققون من مشايخ ما وراء النهر، وقال في المجتبى وقد صحت الروايات عن الكل: أنه طاهر غير طهور إلا الحسن وروايته شاذة غير مأخوذ بها كما في مجمع الأنهر، لكن يكره شربه والعجن به تنزيها لاستقذار النفس له، قوله: " أي لا يصح " إنما فسره بذلك لأنه، لو أبقاه
1 / 23