Hasana Wa Sayyia

Ibn Taimiyah d. 728 AH
82

Hasana Wa Sayyia

الحسنة والسيئة

Penyiasat

-

Penerbit

دار الكتب العلمية،بيروت

Nombor Edisi

-

Lokasi Penerbit

لبنان

Genre-genre

Tasawuf
وأما ما يصيبه من الخير والنعم فإنه لا تنحصر أسبابه؛ لأن ذلك من فضل الله وإحسانه، يحصل بعمله وبغير عمله، وعمله نفسه من إنعام الله عليه. وهو سبحانه لا يجزي بقدر العمل، بل يضاعفه له، ولا يقدر العبد على ضبط أسبابها، لكن يعلم أنها من فضل الله وإنعامه، فيرجع فيها إلى الله، فلا يرجو إلا الله، ولا يتوكل إلا عليه، ويعلم أن النعم كلها من الله، وأن كل ما خلقه فهو نعمة كما تقدم فهو يستحق الشكر المطلق العام التام، الذي لا يستحقه غيره. ومن الشكر: ما يكون جزاء على ما يسره على يديه من الخير، كشكر الوالدين وشكر من أحسن إليك من غيرهما؛ فإنه من لا يشكر الناس لا يشكر الله، لكن لا يبلغ من حق أحد وإنعامه أن يشكر بمعصية الله، أو أن يطاع بمعصية الله؛ فإن الله هو المنعم بالنعم العظيمة، التي لا يقدر عليها مخلوق. ونعمة المخلوق إنما هي منه أيضًا، قال تعالى: ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ﴾ [النحل: ٥٣]، وقال تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ﴾ [الجاثية: ١٣]، وجزاؤه سبحانه على الطاعة والمعصية والكفر لا يقدر أحد على مثله. فلهذا لم يجز أن يطاع مخلوق في معصية الخالق، كما قال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا﴾ [العنكبوت: ٨]، وقال في الآية الأخرى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ﴾ [لقمان: ١٥] . وقال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: " على المرء المسلم

1 / 98