Hasad Falsafi
الحصاد الفلسفي للقرن العشرين : وبحوث فلسفية أخرى
Genre-genre
هو وحده ما يمكن أن يكون له معنى ... ولقد طبق الوضعيون المناطقة هذا المبدأ على رفضهم للميتافيزيقا»،
29
باعتبار أن قضاياها هي من قبيل ما لا معنى له. وينسب أعضاء حلقة فيينا هذا المبدأ إلى فيتجنشتين، والذي كان له أكبر تأثير عليهم خاصة في كتابه «رسالة منطقية فلسفية» - وهو الكتاب الذي كان نقطة تحول في تاريخ الفكر الفلسفي المعاصر - والذي انتهى فيه إلى أن «مشكلات الميتافيزيقا والفلسفة التقليدية قد نشأت عن إساءة فهم منطق اللغة، وأن تحليل لغة العبارات والقضايا قد بين أن معظمها ليس كاذبا، وإنما هو خال من المعنى.»
30
يعد كارناب (1891-1970م) أبرز ممثلي الفلسفة الوضعية، وصار المتحدث باسم حلقة فيينا إلى أن فقدت الحركة زخمها من الناحية الفلسفية عام 1936م، وتشتت أعضاؤها بموت بعض روادها ومقتل شليك، وهجرة بعض أعضائها إلى بريطانيا، والبعض الآخر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ويمكن القول إن المرحلة الأولى من الوضعية المنطقية قد خبت وانطفأت شعلتها للأسباب السابقة، وبسبب انصراف الحركة الفلسفية عنها - بعد أن كانت تشغل مكانا متميزا في فلسفة القرن العشرين - كنوع من الاحتجاج على دوجماطيقية أعضائها، ولكن هذا لا يعني أن الوضعية المنطقية قد انقرضت أو انتهت تماما، وإنما تطورت عند كارناب أفضل ممثليها وأنشطهم، وخاصة في دراساته في السيمانطيقا أو علم المعاني، التي يتجاوز فيها التحليلي المنطقي للغة.
وربما يكون الدرس الوحيد المستفاد من غلو هذه المدرسة في مرحلتها الأولى أنه ليس هناك رأي قاطع وحاسم في الفلسفة، وكما أن هناك مبدأ التحقق من الصدق؛ فهناك أيضا مبدأ التكذيب - الذي قال به بوبر - والذي يعني أن القضية أو النظرية تظل صادقة، حتى تظهر قضية أو نظرية أخرى تكذبها. وإذا كان للوضعية المنطقية تأثير إيجابي في الحياة الفلسفية المعاصرة، فهو بلا شك أنها دفعت الدراسات المنطقية دفعة هائلة نحو التجديد، كما أنها برفضها للميتافيزيقا نبهت الفلاسفة إلى ضرورة إعادة النظر في استخدامهم للعبارات الفلسفية الفضفاضة، وأن عليهم أن يقدموا نماذج للأفكار تتسم بالدقة والوضوح، وأن يصوغوا عباراتهم الفلسفية صياغة لغوية دقيقة. (3-5) فلسفة الظاهريات (الفينومينولوجيا)
كان للفلسفة التحليلية عند مور ورسل وفيتجنشتين أثر كبير على فلاسفة البلدان الناطقة بالإنجليزية، بينما ساد في أوروبا نظام من التفلسف برز في الوجودية الألمانية، والوجودية الفرنسية وكلاهما تأثر إلى حد كبير بفينومينولوجيا هوسرل - وهي مفتاح تطور الوجودية المعاصرة - فكان الاختلاف شاسعا بين الفلاسفة التحليليين من ناحية، والفلاسفة المهتمين بالتراث الأوروبي المعاصر من ناحية أخرى، بحيث يصعب على كلا الفريقين الاتصال بالآخر. ورفضت الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة أن تنظر للفلسفة باعتبارها علما تجريبيا، وكان هوسرل (1859-1938م) أحد حاملي لواء هذا الاعتراض، الذي بدأ فلسفته بالهجوم الشرس على علم النفس، بل جعل هدفه تدمير النزعة السيكولوجية في المنطق، والهجوم على المثالية والوضعية التجريبية، وقدم منهجه في الظاهريات.
الظاهريات هي أحد التيارات الهامة في فلسفة القرن العشرين التي سادها الاعتقاد بأن الفلسفة ليست كالعلوم الطبيعية أو الواقعية، وأنها لا يمكن أن تستخدم مناهج تلك العلوم. ولذلك فإن أهم سمتين أساسيتين من سمات الفينومينولوجيا هي أنها منهج في المقام الأول «ينحصر في وصف الظاهرة أي ما هو معطى مباشرة ... ومن جهة أخرى فإن موضوعها - أي الفينومينولوجيا - هو الماهية
essence
أي المضمون العقلي المثالي للظواهر، الذي يدرك في إدراك مباشر، هو رؤية الماهيات.»
Halaman tidak diketahui